الإباحة فلا يحصل الاعتقاد ؛ لعدم (١) اجتماع الاعتقاد والشكّ في مورد واحد.
قلت : هذا ما أفاده أستادنا المحقّق في المقام ، ويمكن أن يقال : إنّ بقاء الإباحة في صورة الإباحة موقوف على أصالة البراءة ، فإنّ المفروض أنّ غاية الإباحة هو الوجوب والحرمة ، فالشكّ في حصول الغاية شكّ في التكليف التحريمي أو الوجوبي والأصل البراءة ، فثبت (٢) الإباحة ، فالأحكام الاقتضائية ثبوتها في زمان الشكّ عنده مستند (٣) إلى الاشتغال ، والإباحة إلى البراءة (٤) ، إلاّ أنّ ذلك بعد عدم ظهوره من كلامه لا يتمّ فيما كانت الغاية مندوبة أو مكروهة ، على أنّ البراءة لا يفيد عدا نفي العقاب ولا يفيد حكما ولو كان إباحة (٥) على ما برهن عليه في محلّه.
ثمّ قال قدس الله نفسه الزكية : والثاني : ما ورد في الروايات من أنّ اليقين لا ينقض بالشكّ (٦) ، فإن قلت : هذا كما يدلّ على حجّية المعنى المذكور كذلك يدلّ على المعنى الذي ذكره القوم ؛ لأنّه إذا حصل اليقين في زمان فينبغي أن لا ينقض في زمان آخر بالشكّ نظرا إلى الرواية ، وهو بعنيه ما ذكروه.
قلت : الظاهر أنّ المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ أنّه عند التعارض لا ينقض به ، والمراد بالتعارض أن يكون شيء يوجب اليقين لو لا الشكّ ، وفيما ذكروه ليس كذلك ، لأنّ اليقين بحكم في زمان ليس ممّا يجب حصوله في زمان آخر لو لا عروض الشكّ (٧) ، وهو ظاهر (٨) ، انتهى.
وتوضيح ما أفاده المحقّق المذكور هو أنّ هذه الأخبار إنّما هي مسوقة لبيان الحكم الظاهري وعلاج في الواقعة المشكوكة ، فلا يعقل أن يكون المأمور به في تلك الأخبار
__________________
(١) « ج » : بعدم.
(٢) « ج » : فيثبت.
(٣) « ك » : مستندة.
(٤) « ج » : لا إلى البراءة ، وفي « ك » : لا البراءة.
(٥) « ج » : الإباحة.
(٦) « ج ، م » : ـ بالشكّ.
(٧) « ز » : شك ، وفي المصدر : ليس ما يوجب حصوله في زمان آخر لو لا عروض شكّ.
(٨) المشارق : ٧٦.