لا يقال : إنّ ارتفاع الشكّ لا يوجب اليقين بالبقاء دائما ؛ لإمكان ارتفاعه باليقين بالعدم ، فارتفاع الشكّ لا يوجب اليقين كما هو المقصود.
لأنّا نقول : المفروض وجود المقتضي للحكم في استصحابه ، فالقطع بالعدم لا يتصوّر إلاّ بواسطة القطع بوجود المزيل ، وخروجه عن مفروضه معلوم مفروض.
ثمّ قال طيّب الله رمسه اللطيف (١) : فإن قلت : هل الشكّ في كون شيء مزيلا للحكم مع اليقين بوجوده كالشكّ في وجود المزيل أو لا (٢)؟
قلت : فيه تفصيل ؛ لأنّه إن ثبت بالدليل أنّ ذلك الحكم مستمرّ إلى غاية معيّنة في الواقع ، ثمّ علمنا صدق تلك الغاية على شيء وشككنا في صدقها على شيء آخر (٣) أم لا ، فحينئذ لا ينقض اليقين بالشكّ ، وأمّا إذا لم يثبت ذلك ، بل إنّما ثبت أنّ ذلك الحكم مستمرّ في الجملة ومزيله الشيء الفلاني وشككنا في أنّ الشيء الآخر مزيله أم لا ، فحينئذ لا ظهور في عدم نقض الحكم وثبوت استمراره ؛ إذ الدليل الأوّل ليس بجار فيه ، لعدم ثبوت حكم العقل في هذه الصورة (٤) ، خصوصا مع ورود بعض الروايات الدالّة على عدم المؤاخذة بما (٥) لا يعلم ، والدليل (٦) الثاني الحقّ أنّه لا يخلو عن إجمال ، وغاية ما يسلّم منه إفادته (٧) الحكم في الصورتين اللتين ذكرناهما وإن كان فيه بعض المناقشات (٨) ، لكنّه لا يخلو من (٩) تأييد للدليل الأوّل ، فتأمّل (١٠) ، انتهى.
وسوق كلامه هذا لبيان الحكم فيما إذا جاء الشكّ من جهة الشك في مزيلية
__________________
(١) « ز ، ك » : الشريف.
(٢) « ز ، ك » : أم لا.
(٣) في المصدر : ثمّ علمنا حصولها عند حصول شيء وشككنا في حصولها عند حصول شيء آخر.
(٤) في المصدر : في مثل هذه الصورة.
(٥) المثبت من « ج » وهو موافق للمصدر ، وفي سائر النسخ : « عمّا ».
(٦) « م » : دليل.
(٧) في المصدر : إفادة.
(٨) « ج » : المنافيات.
(٩) « ز ، ك » : عن.
(١٠) المشارق : ٧٦.