الحادث ، وحاصله التفصيل بين ما إذا كان الشكّ راجعا إلى الشكّ في الدليل المثبت لليقين في السابق الموجب لإجماله ، وبين ما لم يكن راجعا إلى الشكّ فيه وموجبا لإجماله ، فيحكم ببقاء التكليف على الأوّل دون الثاني ، ودليله في المقام هو ما ذكره فيما إذا كان الشكّ في حصول المزيل وبلوغ الغاية ، فانّ قاعدة الاشتغال جارية (١) بعد العلم بالتكليف من دون إجمال في المكلّف به مفهوما ، بخلاف ما إذا كان مفهومه مجملا فلا يجري عنده القاعدة المذكورة. نعم دليله الثاني لا يقضي (٢) بالفرق كما نبّه عليه أيضا.
والحاصل أنّ تفصيله في المقام راجع إلى تفصيله سابقا من أنّ الشكّ إن كان من جهة إجمال الدليل المقتضي لليقين السابق فلا يحكم ببقاء التكليف ، وإن لم يكن كذلك بأن يكون الدليل مسبّبا فيحكم بالبقاء.
ثمّ قال قدس الله لطيفه (٣) : فإن قلت : الاستصحاب الذي يدّعونه (٤) فيما نحن فيه وأنت قد منعته الظاهر أنّه من قبيل ما اعترفت بحجّيته ؛ لأنّ حكم النجاسة ثابت ما لم يحصل الظنّ (٥) المعتبر شرعا بوجود المطهّر ، لأنّ حسنة ابن المغيرة وموثّقة ابن يعقوب ليستا حجّتين شرعيتين (٦) خصوصا مع معارضتهما بالروايات كما تقدّم ، فغاية الأمر حصول الشكّ بوجود المطهّر وهو لا ينقض اليقين كما ذكرت ، فما وجه المنع؟
قلت : كونه من قبيل الثاني ممنوع ؛ إذ لا دليل على أنّ النجاسة ثابتة ما لم يحصل مطهّر شرعي ، وما ذكروه (٧) من الإجماع غير معلوم ؛ لأنّ غاية ما أجمعوا عليه أنّه (٨) بعد التغوّط لا يصحّ الصلاة ـ مثلا ـ بدون الماء والتمسّح رأسا بثلاثة أحجار متعدّدة ولا بشعب حجر واحد ، وهذا الإجماع لا يستلزم الإجماع على ثبوت الحكم والنجاسة (٩)
__________________
(١) « ز ، ك » : هي جارية.
(٢) « ج » : لا يقتضي.
(٣) « ج » : روحه.
(٤) « ز ، ك » : ندّعونه.
(٥) في المصدر : ما لم يحصل مطهّر شرعي إجماعا وهاهنا لم يحصل الظنّ.
(٦) في النسخ والمصدر : حجّة شرعية.
(٧) في المصدر : ذكره.
(٨) « ج ، م » : أنّ.
(٩) في المصدر : ثبوت حكم النجاسة.