والقول بأنّ الكبرى مقتض للعلم والعلم بالصغرى بمنزلة عدم المانع ، بعد أنّه من المجازفات والخرافات ليس بأولى من العكس.
وبالجملة : فالقول بأنّ مقتضي اليقين باق في استصحابه دون استصحاب القوم ، تحكّم صرف ؛ لتساويهما في انتفاء المقتضي وهو علّة العلم ، لأنّ مقتضي العلم هو علّته ولا فرق بينهما في المقام ، والشكّ إنّما يحدث بعد انتفاء العلّة والمقتضي من حيث استحالة الخلوّ كما مرّ ، ولئن سلّمنا أنّ الشكّ مانع من حصول اليقين فالمفروض أنّه لا يحصل إلاّ بعد انتفاء إحدى المقدّمتين ، فوجود (١) المانع مسبوق بانتفاء المقتضي ، وعدم الشيء منسوب إلى عدم المقتضي لو اجتمع ذلك وجود المانع.
نعم ، ما ذكره يتمّ فيما لو قلنا بأنّ قولنا : « صم إلى الليل » كما يدلّ على وجوب الصوم في النهار يدلّ على أنّ المشكوك أيضا من النهار ، فيكون العمل على الفرض الباطل بالدليل ، ولا حاجة إلى التكلّف المذكور والتماس ذلك من الاشتغال وأخبار الاستصحاب كما استراح الأخبارية بذلك ، وممّا يوضح ما ذكرنا أنّ الخطاب المغيّى بغاية ينحلّ إلى عقد إيجابي وهو الوجوب قبل الغاية ، وعقد سلبي وهو عدم الوجوب بعد الغاية ، ونسبة المشكوك إلى القبل والبعد مساوية (٢) ، فالقول برفع الشكّ فيه بدخوله في العقد الإيجابي دون السلبي تحكّم صرف ومجازفة صريحة ، وذلك لا يتمّ إلاّ على ما ذكرنا من أنّ عدم الشكّ لا دخل له في حصول اليقين ، بل لا بدّ من إحراز موضوع أحدهما على وجه اليقين.
ثمّ إنّه بقي الكلام فيما أورده ذلك المحقّق الأستاد في التعليقة التي علّقها على قول الشهيد في الشبهة المحصورة ، ومحصّله هو الاستناد إلى وجه آخر في عدم حجّية الاستصحاب في موارده عند القوم ؛ لاستناد النقض فيها إلى اليقين وهو مقتضى قاعدة العدم.
__________________
(١) « ز ، ك » : وجود.
(٢) « ك » : متساوية.