واردة على قاعدة الاشتغال. وأمّا على القول بأنّها أمور انتزاعية فلا وجه لإجراء الأصل المذكور فيها ؛ إذ لا يختلف الجعل على تقدير الجزئية وعدم الجزئية (١) ، لأنّ المجعول أمر واحد ، غاية الأمر اختلاف قيوده. اللهمّ إلاّ أن يجري الأصل في تعلّق نظر الطالب إلى المشكوك ، فتدبّر.
ولكن هذا بالنسبة إلى شرط الواجب وجزئه ، وأمّا إذا شكّ في شرط الوجوب كاشتراط وجوب الحجّ بقدر الكفاية بعد الرجوع ، فيمكن أن يكون النزاع المذكور أيضا مثمرا ؛ لأصالة عدم الجعل ، وأمّا بناء على القول به (٢) فلا بدّ من الرجوع إلى البراءة فيهما.
الثاني : إذا رجع المجتهد عمّا ذهب إليه سابقا ، كما إذا رأى جواز العقد على الباكرة (٣) بدون إذن وليّها ، ثمّ رجع واعتقد عدم الجواز ، أو اعتقد جواز العقد بالفارسية ، ثمّ اعتقد خلافه بعد إيقاع العقد في الموردين منه ، فعلى القول بأنّ الزوجية والملكية من الأمور المتأصّلة المجعولة للشارع فيمكن القول بأنّ الرجوع لا يؤثّر فسادا في العقود السابقة كما لا يؤثّر عزل الوكيل في فساد ما عمله حال الوكالة ، فإنّ التأثير في السابق حين ثبوت الوصف حاصل ولا وجه لانتفائه ، بل لا يعقل انتفاؤه بعد وقوعه ، وعلى القول بكونها أمورا انتزاعية من الخطاب التكليفي فثبوتها موقوف على ثبوت الخطاب ، وثبوت الخطاب دائر مدار الرأي الفعلي ، فجواز التصرّف في المال ينتفي بانتفاء الخطاب كما هو ظاهر.
وأمّا ما يستفاد من الكلام المنقول في السابق ـ من ثبوت الثمرة في جريان التكليف بما لا يطاق في الحكم الوضعي وعدم جريانه في الحكم التكليفي واشتراط العلم والقدرة في التكليفي دون الوضعي ـ فقد ظهر ضعفه ممّا مرّ على وجه لا يحتاج إلى
__________________
(١) « ك » : عدمها.
(٢) « ج ، م » : ـ به.
(٣) « ج » : البكر.