عوارض الموضوع في ذلك العلم ، فإنّ تمايز العلوم بتمايز الموضوعات ، فإنّ المسألة ـ على ما هو التحقيق ـ هو نفس المحمولات من حيث انتسابها إلى الموضوعات ، والموضوع في المسألة قد يكون نفس موضوع العلم ، وقد يكون جزء منه ، أو جزئيا له (١) ، أو جزء من جزئيه ، على الوجه المعهود في مسائل العلوم المدوّنة ، وبيان كيفية البحث عن الأجزاء والجزئيات خارج عمّا نحن بصدده.
وبالجملة : فملاحظة الموضوع من أقوى ما يحصل به (٢) التميّز عند اشتباه المسائل ، لكنّه إنّما يجدي إذا كان الموضوع معلوما عند الكلّ متّفقا عليه ، وأمّا إذا كان مختلفا فيه فقد يمكن أن يكون شيء من الموضوع عند البعض ، فالبحث عنه إنّما يعدّ من مسائل الفنّ عنده لا عند من لا يراه منه كما هو ظاهر ، مثلا موضوع الأصول ممّا قد اختلف فيه ، فقيل بكونه ذوات الأدلّة مع قطع النظر عن (٣) اتّصافها بالدليلية ، فيكون البحث عن دليليتها داخلا في علم الأصول ، وقيل بكونه الأدلّة مع كونها أدلّة ، فلا يكون البحث عن دليليتها داخلا في العلم ؛ لما تقرّر (٤) من أنّ الموضوعات في العلوم المدوّنة لا بدّ وأن يكون إمّا مبنيّة في العلم الأعلى ، أو مبنيّة بنفسها ، ولمّا كان المتعارف فى كتب الأصول البحث عن تلك المسائل أيضا ، تجشّم بعضهم في دفع ذلك بالوجه الأوّل. فيرد عليه : أنّ البحث عن قدم الكتاب وحدوثه ، وكونه معجزة وعدمه ، وكيفية نزوله ، ومراتب بواطنه ، من المسائل المدوّنة في غير الفنّ منه. اللهمّ إلاّ بنوع من العناية. وبالجملة فعند ذلك لا بدّ من الرجوع إلى غير هذا المعيار.
وثانيها : حدّ العلم فإنّه أيضا ممّا يمكن استعلام حال المسائل به ، فإنّ التحديدات المتداولة في العلوم المدوّنة وإن لم يمكن أن تكون (٥) تحديدات حقيقية (٦) ومركّبة من
__________________
(١) « ج ، م » : منه.
(٢) « م ، ج » : ما به يحصل.
(٣) « م ، ج » : من.
(٤) « ز ، ك » : قد تقرّر.
(٥) في النسخ : يكون.
(٦) « ل ، ك » : حقيقة.