الاستصحاب ، على أنّه إنّما يدلّ على أنّ الشكّ لا ينقض إلاّ باليقين ، فلا دلالة له على عدم نقض الشكّ بالظنّ ، ولا الظنّ بالشكّ ، ولا اليقين بالظنّ ، ولا الظنّ بالظنّ ، ولا اليقين باليقين والشكّ ، أو به وبالظنّ ، وهم يستدلّون في جميع تلك الصور بالاستصحاب ، فلا دلالة للحديث على حجّيته مطلقا ، على أنّ اللام في « اليقين » يحتمل كونها للعهد الذكري ؛ لأنّه قال : « فإنّك كنت على يقين من وضوئك ولا تنقض اليقين أبدا بالشكّ » (١) فلا دلالة له (٢) على غير الصورة المفروضة التي هي موضوع (٣) الحديث ، وهي ليست من الأحكام (٤) الشرعية ، والقياس باطل ، والاستدلال بالفرد على الطبيعة غير معقول خصوصا في الأصول هذا (٥) ، انتهى.
والجواب عمّا أفاده ذلك الشيخ الجليل أخيرا ـ بقوله : وممّا يؤيّد ذلك ويوضحه ، إلخ ـ إنّما يستفاد عمّا أسلفنا ذكره في الهداية السبزوارية ، ونقول في المقام توضيحا (٦) : أوّلا : إنّ النجاسة المشتبهة باعتبار حدوث أمر خارجي أو الطهارة المشكوكة بواسطة ملاقاة رطوبة مشتبهة ، ممّا لا ينبغي الاستصحاب فيها ؛ لانتقاض اليقين بالشكّ في البقاء و (٧) اليقين بحدوث الأمر الخارجي على ما زعمه ، مع أنّ صدر الكلام المنقول منه ينادي بخلافه كما لا يخفى. والحاصل أنّ النقض في الشبهة الموضوعية عند الشكّ في مانعية العارض ليس إلاّ بيقين وشكّ ، فما هو الجواب عنه هو الجواب عن غيره.
وثانيا : إنّ النقض لا يحصل إلاّ بالشكّ أو باليقين على الخلاف ؛ لأنّ المكلّف بعد العلم بوجوب شيء عليه إمّا أن يأتي به ، أو لا يأتي به ، لا كلام على الأوّل ، وعلى الثاني : فإمّا (٨) أن يتركه عصيانا ، أو يعلم بخلافه ، أو يشكّ فيه ، فاليقين لا يتصوّر
__________________
(١) تقدّم في ص ٨٨.
(٢) « ز ، ك » : له أبدا.
(٣) « ج ، م » : موضع ، وفي المصدر : موضوع بالحديث.
(٤) في المصدر : من نفس الأحكام.
(٥) الفوائد الطوسية : ٢٠٨ ـ ٢٠٩.
(٦) « ز ، ك » : ـ توضيحا.
(٧) « ز ، ك » : أو.
(٨) « ز ، ك » : وإمّا.