ومحصّل ما ذكره في الوجه الأوّل مع توضيح منّي هو أنّه لا شكّ في أنّ القيود المعتبرة في القضيّة المعلومة المتيقّنة من زمان أو مكان أو شرط أو حال أو إضافة أو وصف ونحو ذلك ، ممّا يجب أن تكون (١) باقية حال الشكّ في تلك القضيّة على وجه يصدق عليها أنّها قضيّة متيقّنة (٢) فشكّ فيها حتّى يكون موردا للأخبار المذكورة.
وأمّا إذا تبدّلت القيود المأخوذة فيها بعد الأصل المقرّر عند العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد واختلافها بالوجوه والاعتبار ، فيحتمل أن لا يكون المصلحة المقتضية للحكم الأوّل باقية ، فالقضيّة المشكوكة بعد انتفاء قيد أو ازدياد حالة تصير واقعة أخرى مباينة للواقعة الأولى ، وإلحاق الأخيرة بها عند الشكّ ليس إلاّ من القياس الباطل ، والاستصحاب في الأحكام الكلّية الإلهية إنّما هو من هذا القبيل بخلافه في الموضوعات فإنّ الشكّ في بقاء الطهارة بعد الشكّ في حدوث البول وعروضه إنّما هو على وجه لا يختلف موضوع الحكم في القضيّة المتيقّنة الأولى ؛ لعدم تبدّل قيد من قيوده أو حال من أحواله.
وأمّا (٣) الجواب عنه ، فتارة بالنقض بالاستصحاب في الموضوعات فيما إذا كان الشكّ في رافعية العارض ، كما إذا شكّ في الطهارة بعد حدوث رطوبة مشتبهة ، فإنّ الموضوع في القضيّة المتيقّنة قد ارتفع قيد من قيوده باعتبار حدوث تلك الرطوبة مع أنّه يقول به ، أقول بل بمطلق الموضوعات ؛ إذ لا يعقل وجود الشكّ وارتفاع اليقين إلاّ بواسطة حدوث حالة أو ارتفاع شيء يحتمل اعتباره في الموضوع أو في الحكم ولو على وجه يكون اليقين حاصلا في تلك الحالة. وبالجملة : النسبة المعتبرة في القضيّة لا تختلف (٤) علما وشكّا إلاّ باعتبار اختلاف شيء معتبر في تلك النسبة.
لا يقال : يحتمل أن يكون هناك شيء معه يحصل اليقين على وجه لا مدخل له في
__________________
(١) في النسخ : يكون.
(٢) « ز ، ك » : عليها الناقضية منتجة.
(٣) « ج ، م » : ـ أمّا.
(٤) في النسخ : لا يختلف.