[ المقام ] الأوّل : في الشكّ في رافعية العارض ، ولا بدّ من تمهيد مقدّمة وهي : أنّه لا ريب في أنّه قد يكون للمعلول بعد وجوده بوجود (١) علّته التامّة شيء يزيله يعبّر عنه بالرافع كالبول للطهارة وكالطلاق للزوجية ، ولا شكّ في أنّ عدم الرافع ليس معتبرا في وجود المعلول كعدم المانع ، بل الرافع لا يتحقّق إلاّ بعد الوجود فكيف يعتبر عدمه فيه؟ فهو إذا علّة لرفع المحمول عن الموضوع وليس معتبرا في الموضوع ، فلو شكّ في أنّ الشيء الفلاني رافع أو لا يشكّ في استمرار الحكم معه من دون احتمال تغيّر (٢) الموضوع ؛ إذ باختلاف العلّة واحتمال حدوثه أو نفيه لا يختلف الموضوع.
وإذ قد تقرّر هذه (٣) ، فنقول : إذا شكّ المكلّف بعد خروج المذي في أنّه متطهّر أم لا بعد العلم بالطهارة ، فلا بدّ من القول بالاستصحاب ، والموضوع غير مختلف ؛ لما قرّر في التمهيد من أنّ الطهارة السابقة ممّا لا مدخل لعدم الرافع فيه ولا يكون ذلك من (٤) قيوده ولواحقه ، والظاهر أنّ هذا المعنى ممّا يسلمه الخصم أيضا وزعم أنّ الشبهة الموضوعية من هذا القبيل ، ولولاه لما صحّ الحكم في الشبهة الموضوعية أيضا.
فإن قلت : إنّ الرافع وإن لم يكن عدمه (٥) معتبرا في وجود المعلول في الآن الأوّل إلاّ أنّ عدمه معتبر في البقاء في الآن الثاني ، فيختلف موضوع المسألة باحتمال الرافعية كما في المانع. وتوضيحه : أنّ عدم المانع لمّا كان مأخوذا في وجود الحكم المعلول فعند احتمال حدوثه يختلف الموضوع ؛ لأنّ المعلوم هو الحكم عند عدم ما يحتمل مانعيته ، والحكم بعد هذه الملاحظة ومقيّدا بهذه الجهة يخالف الحكم بدونها ، والرافع عدمه وإن لم يكن معتبرا في أصل الوجود ولكنّه معتبر في البقاء ، فيختلف موضوع الحكم.
قلت : المستصحب هو الوجود لا البقاء ، وإنّما الاستصحاب (٦) يؤثّر في البقاء ،
__________________
(١) « ج ، م » : لوجود.
(٢) « ج ، م » : لتغيّر.
(٣) « ج » : هذا.
(٤) « م » : من ذلك.
(٥) « ز ، ك » : ـ عدمه.
(٦) « ز ، ك » : المستصحب.