فأجاب بأنّ إطلاق الأحكام مع اقترانها ببشارة عيسى أو موسى برسول يأتي من بعده (١) اسمه أحمد صلىاللهعليهوآله لا ينفعهم ؛ لاستلزامه قبول (٢) رسالته صلىاللهعليهوآله ، وبعد قبوله فلا معنى لاستصحاب أحكامهم (٣).
وفيه : أنّ اليهود إنّما هو في مقام الإلزام (٤) للمسلمين يقول باستصحاب الأحكام المطلقة ، وهو لا يسلّم البشارة على ما هو ظاهر ، فتأمّل.
فالأولى في مقام الجواب عن التمسّك بالاستصحاب وجوه :
الأوّل : ما أشار إليه المحقّق المذكور أيضا من أنّ التمسّك بالاستصحاب في أمثال المقام ممّا هو من الأصول الدينية ممّا لا يجدي شيئا ؛ إذ المقصود من المطالب الاعتقادية هو نفس الاعتقاد ، ومن المعلوم عدم حصول الاعتقاد بالاستصحاب لو أريد به تحصيل الاعتقاد من إجراء الاستصحاب ؛ إذ غاية ما تكلّفه القائل به هو إفادته الظنّ ، وعدم اعتباره أيضا في المطالب الاعتقادية ممّا لا يدانيه ريبة ، ولو أريد به استصحاب نفس الاعتقاد الموجود في الزمن الأوّل ، ففساده أجلى من أن يخفى ؛ ضرورة انتفاضه وتبدّله شكّا.
فإن قلت : لو كانت النبوّة محدودة وشكّ في حصول الحدّ فلا بدّ من استصحابها ، وإلاّ لاختلّ على الأمم السابقة أمور دينهم ، بل ودنياهم أيضا.
قلت : لا يعقل استصحاب الاعتقاد بنبوّته (٥) وإنّما يستصحبون أحكام تلك الشريعة.
فإن قلت : لا معنى لاستصحاب الأحكام بعد عدم العلم بالموضوع الذي يترتّب عليه الأحكام.
قلت : استصحاب الموضوع يكفي في ترتّب الأحكام وإن لم يكن كافيا في نفس
__________________
(١) « م » : من بعد.
(٢) في المصدر : وجوب قبول.
(٣) القوانين ٢ : ٧٤ وفي ط : ص ٢٧٦.
(٤) « ز ، ك » : الالتزام.
(٥) « م » : نبوّته.