الاعتقاد كما هو غير خفيّ على المتأمّل.
الثاني : أنّ المستصحب للنبوّة إن أراد باستصحابها جعل المسلمين مدّعين لأمر هو ينفيه وزعم عدم افتقار النافي في نفيه إلى دليل ، ففيه : أنّ من المقرّر في محلّه عدم الفرق بين النافي والمثبت في الاحتياج إلى الدليل ، فإنّ القضيّة الموجبة كما تحتاج (١) في إثباتها إلى قياس مفيد لتحقّق النسبة التي اشتملت القضيّة عليها ، فكذلك القضيّة السالبة محتاجة إليه ؛ إذ لا فرق في العقول بينهما.
نعم ، قد يكون عدم الدليل دليلا واقعيا على العدم ، فلا حاجة إلى الاستدلال في النفي ، كما إذا كان وجود الشيء ملازما للعلم به فيكون من القضايا التي قياساتها معها (٢) ، وهي كما توجّه في السلبيات كذلك توجّه في الإيجابيات كما لا يخفى.
نعم ، المانع الذي يدّعي عدم العلم بشيء لا يطالب بدليل حيث أن لا سبيل إليه إلاّ قوله بذلك ، ولهذا ترى فيما كان إلى إثبات العلم له سبيل لا يصغى إليه ، فإخباره (٣) حقيقة هو الدليل على عدم العلم كما لا يخفى.
وإن أراد المستصحب استصحاب الرسالة الثانية بإقرارنا والمنع من رسالة نبيّنا صلىاللهعليهوآله (٤) فلا يحتاج في المنع إلى الدليل ويكفيه في الاستصحاب إقرار الخصم بثبوت (٥) المستصحب في الحالة السابقة. ففيه : أنّ إقرار الخصم بثبوت (٦) النبوّة السابقة وعلمه بالمستصحب إن كان بواسطة الدليل الدالّ على نبوّة موسى أو عيسى (٧) غير ما أخبر به محمّد صلىاللهعليهوآله وأوصياؤه الأطهار من تواتر واقعي أو إجماع من سائر الملل ، فعلى الخصم أن يقرّره فهو المستدلّ حينئذ ، وإن كان بواسطة أخبار محمّد صلىاللهعليهوآله ودلالة القرآن عليه كما هو كذلك الآن في حقّنا ؛ إذ لا شبهة في أنّ علمنا بنبوّة موسى أو عيسى فعلا مستند
__________________
(١) في النسخ : يحتاج.
(٢) « م » : معها قياساتها.
(٣) « ز ، ك » : فاختباره.
(٤) « ج ، م » : ـ صلىاللهعليهوآله.
(٥) « ز » : ثبوت.
(٦) « ز ، ك » : ثبوت.
(٧) « ز ، ك » : + أو غيرهما.