إلى أخبار المعصومين عليهمالسلام بذلك ، ففرض العلم بالحالة السابقة يلازم القطع بارتفاعها وانتفائها ، فلا استصحاب ؛ لارتفاع أحد أركانه وهو الشكّ اللاحق ، فإنّ العلم بنبوّة موسى أو عيسى لا يحصل من القرآن وأخبار محمّد صلىاللهعليهوآله إلاّ بعد العلم بصحّة القرآن ونبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، والعلم بصحّة القرآن هو عين العلم بارتفاع نبوّة غير محمّد صلىاللهعليهوآله كما هو ظاهر ، نعم يصحّ التمسّك بالاستصحاب فيما لو فرضنا حصول العلم من دليل آخر كالتواتر ، مثلا لو أسلم يهودي يصحّ له التمسّك بالاستصحاب على ما هو ظاهر.
فإن قلت : إنّ حصول العلم بنبوّة عيسى من قول محمّد صلىاللهعليهوآله لا يتفرّع على نبوّته ، بل هو موقوف على صدقه ولو في هذه القضيّة ، فيحتمل إثبات نبوّة عيسى وإن لم يستلزم صدق نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله.
قلت : لا سبيل لنا (١) إلى صدق محمّد صلىاللهعليهوآله في هذه القضيّة إلاّ بعلم بنبوّته (٢) كما هو ظاهر ، والأخذ بإقراره على تقدير كذبه ـ العياذ بالله ـ بعد كونه جدلا وخارجا عن طريق البرهان لا يفيد لنا العلم بثبوت نبوّة عيسى في الحال كما لا يخفى. اللهمّ إلاّ أن يدّعى العلم بصدقه في هذه القضيّة نظرا إلى ظهور برهان نبوّة عيسى أو موسى وسطوع آثارها في زمنه على وجه لا يقبل الإنكار ، ومع ذلك فالمانع مستظهر ؛ لانقطاع عدد تواترهم بقتلهم بخت نصر (٣) فتدبّر.
الثالث : أنّ معنى استصحاب نبوّة نبيّ هو وجوب التديّن بدينه لا الصفة الثابتة له في نفس الأمر ؛ إذ لا يعتبر فيها في الحالة السابقة و (٤) اللاحقة ، إذ لا ينعزل (٥) عن منصب النبوّة ، ولا يصير ذلك مشكوكا حتّى يستصحب ، فالمراد من استصحاب النبوّة هو وجوب اتّباعه في دينه والاعتقاد بصحّة ما جاء به من الله تعالى شأنه ، ولا ريب أنّ
__________________
(١) « م » : له.
(٢) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : نبوّته.
(٣) « ز ، ك » : البخت النصر.
(٤) « ز ، ك » : أو.
(٥) « ز ، ك » : إذ يعزل.