هداية
[ في استصحاب الأحكام العقلية ]
قد عرفت (١) في الهداية الغزالية انقسام الدليل إلى دالّ على الحكم في زمن الشكّ ، وناف له ، وساكت عنه ، ومجمل ، ومردّد بينها (٢) ، لو كان لفظا أو إجماعا على بعض الوجوه المقرّرة فيه ، فيجري الاستصحاب على بعض التقادير ولا يجري على بعض آخر كما مرّ الوجه (٣) فيها ، وإلى الثلاثة الأول لو كان إجماعا على بعض آخر ، وفي حكمه الأدلّة اللبّية الأخر كالشهرة ونحوها ، ولا إشكال في الكلّ.
وأمّا لو كان دليل الحكم هو العقل فتحقيق القول في جريان الاستصحاب فيه في مقامين :
[ المقام ] الأوّل : فيما إذا كان الشكّ في موضوع حكم العقل ، مثلا لو حكم العقل بقبح سلوك طريق معلوم الضرر وشرب دواء معلوم المهلكية ، ثمّ شكّ في الهلاكة والضرر باعتبار سنوح سانحة ونحوها ، فهل يجري فيه الاستصحاب أو (٤) لا؟ فيه تفصيل ؛ لأنّه إن قلنا بحجّية الاستصحاب من حيث إفادته الظنّ يجري الاستصحاب ، لأنّ استصحاب الموضوع يفيد الظنّ ببقائه ، فالصغرى محرزة بالظنّ الاستصحابي ، فمهلكية الدواء المفروض مظنون ، وتنضمّ إليها كبرى قطعية وهي المدلول عليها بحكم
__________________
(١) عرفت في ص ١٩٧ وما بعدها.
(٢) « ز » : بينهما.
(٣) « ج ، م » : لوجه.
(٤) « ز ، ك » : أم.