هو بواسطة اختلاف موضوع القضيّة المعلومة والواقعة المشكوكة ، وفي المقام بواسطة عدم كونه مجعولا للشارع ، وانتفاء الموضوع يوجب انتفاء الأصل وهو الحكم العقلي ، وعدم ترتّبه على الموضوع لا يوجب انتفاءه ، فيلازم الحكم الشرعي ، فيحكم (١) بترتّبه على الموضوع ، بخلاف المقام الآتي ؛ إذ بعد انتفاء الأصل والدليل لا يعقل بقاء الفرع.
المقام الثاني : فيما إذا كان الشكّ في نفس الحكم العقلي كما لو فرضنا وجوب ردّ الوديعة في زمان ، ثمّ شكّ فيه بواسطة حدوث حادثة في موضوع ، فهل يحكم بالوجوب استصحابا للحالة السابقة ، أو لا وجه للقول بالاستصحاب؟ يظهر من بعض الأجلّة (٢) في بعض التقسيمات (٣) للاستصحاب جريانه ، والتحقيق خلافه.
وتوضيح المقال (٤) يحتاج إلى تمهيد ، فنقول : لا ريب في أنّ الحكم من الأعراض التي لها تعلّق بالمحكوم به والمحكوم (٥) عليه في القضيّة المفروضة ، ومن المعلوم أيضا اختلاف المحكوم به والمحكوم عليه باختلاف القيود المأخوذة فيهما من زمان ومكان وشرط وآلة و (٦) حالة ووصف ونحوها ، فلا محالة يختلف الحكم عند اختلاف الموضوع والمحمول المختلفين باختلاف تلك القيود والعوارض اللاحقة لهما (٧) ، فذلك الأمر الناعتي (٨) والموجود العرضي يتغيّر بتغيّر ما هو قائم به أو متعلّق به ؛ إذ مناط تشخّصه (٩) ومعيار وجوده هي تلك الأمور التي يختلف باختلافها الموضوع والمحمول. ولا ريب أيضا في أنّ العقل ما لم يحرز تمام ما يحتمل اعتباره في موضوع حكمه لا يحكم ؛ إذ لا يخفى على الحاكم مورد حكمه ، متى لم يعلم بمدخلية قيد أو شيء في محلّ فلا يحكم ، بل هو متوقّف في ذلك المحلّ.
__________________
(١) « ز ، ك » : ـ فيحكم.
(٢) الفصول : ٣٦٦.
(٣) « ج » : تقسيمات.
(٤) « ز ، ك » : المقام.
(٥) « ج » : للمحكوم.
(٦) « ز ، ك » : أو.
(٧) « ز ، ك » : لها.
(٨) « ز ، ك » : الذاتي.
(٩) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : تشخيصه.