الأصلي (١) مدفوع بالبراءة ، واحتمال التبعي كالثاني مرجعه إلى البراءة أو الاشتغال.
لا يقال : فعلى هذا لا مجال (٢) لاستصحاب الوجوب مطلقا ، لأنّا نقول : هو كذلك كما عرفت فيما تقدّم ، فالتمثيل (٣) بما ذكر غير ملائم لما هو بصدده كما هو ظاهر ، والأولى التمثيل بالتحريم أو الإباحة ممّا لا يعدّ أمورا متعدّدة كما لا يخفى.
وأمّا ثانيا : فلأنّ الأحكام المجعولة في الشريعة لا تخلو من أحد الوجهين : إمّا أن تكون مقيّدة (٤) بالزمان على وجه تختلف تلك الأحكام باختلاف الأزمنة كما في الموقّتات ، وإمّا أن لا تكون مقيّدة (٥) بالزمان فهو إذن ظرف لها لا يختلف المظروف باختلافه ، وعلى التقديرين ممّا لا وجه للكلام المذكور.
أمّا على الأوّل ، فلأنّ بعد تقضّي (٦) الزمان والقيد لا معنى لاستصحاب الوجود ، فيجري فيه استصحاب العدم ، ولا يضرّه (٧) وجوده في السابق بعد ما فرض تقييده بالزمان في استصحاب العدم بعد زوال القيد ؛ إذ وجوده في الوقت (٨) السابق عين عدمه في الوقت اللاحق كما لا يخفى.
وأمّا على الثاني : فلأنّ بعد انقطاع العدم المطلق في الأزل بالوجود المطلق وخروج الماهيّة من الليس إلى الأيس ، فلا وجه لاستصحاب العدم في موضع الشكّ ويجري فيه استصحاب الوجود ؛ لأنّ العدم المطلق قد انقطع بوجود مطلق ، فلا تعارض في المقام ، ولا فرق فيما ذكرنا بين أن يكون مبنى الأمر في الاستصحاب على التدقيق في موضوعه أو على التسامح ؛ إذ على التقديرين يتّجه الترديد المذكور.
__________________
(١) « ز ، ك » : الوضع.
(٢) « ج ، م » : فلا مجال.
(٣) « ز ، ك » : فالتمسّك.
(٤) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : « يكون مقيّدا ».
(٥) « ج » : لا يكون مقيدا.
(٦) « م » : تفصّي ، وفي « ز » : تفضي ( ظ ).
(٧) « ج ، م » : ولا يضرّ.
(٨) « ز ، ك » : الظرف.