العدم ليس جاريا فيها ، فلا يعارض استصحاب الوجود. وقد قرّر وجه التعارض في القسمين بأنّ استصحاب الطهارة والملكية في الزمان الثاني معارض باستصحاب عدم جعل الشارع الطهارة في الزمان الثاني عند الشكّ في وجود الرافع أو الشكّ في رافعية الموجود ، فهل ترى يختلف جعل الشارع طهارة الشيء باختلاف حالات المكلّف من الشكّ في وجود الرافع؟ إذ من المعلوم عدم مدخلية ذلك في الجعل ، فالحال في القسمين كالحال في الموضوعات فإن أمكن القول بالتعارض فلا فرق بينهما ، وإلاّ فلا فرق أيضا.
وتوضيحه : أنّ قضيّة الشكّ في وجود الرافع أو رافعية الموجود هو بقاء المعلول في الزمان الثاني بحسب وجود المقتضي لذلك ، فمع قطع النظر عن الرافع وجود الشيء المرفوع بحسب اقتضاء مقتضيه من الجعل ونحوه في زمان وجود الرافع معلوم ، فلا يتعقّل اختلاف الجعل عند اختلاف حالة المكلّف ، فتدبّر.
وأمّا رابعا : فلأنّ قول أبي جعفر عليه أفضل السلام وأكمل الصلاة (١) في رواية زرارة : « لأنّك كنت على يقين من طهارتك » (٢) حجّة عليه ، فإنّه عليهالسلام إنّما راعى جهة استصحاب الوجود وهو استصحاب الطهارة السابقة لا استصحاب عدم الرافع.
فإن قيل : فلعلّه عليهالسلام إنّما حكم بذلك من حيث إنّ اللازم لرفع الرافع وعدمه بالاستصحاب هو الوجود لا أنّه اعتبر استصحاب الوجود بنفسه كما هو المدّعى.
قلت : الوجدان (٣) السليم حاكم بفساد التوهّم المذكور ، وتوضحه (٤) ملاحظة ظاهر الرواية ، فإنّه علّله بوجود الطهارة اليقينية ، وإلاّ كان المتّجه تعليله بعدم العلم بالرافع وهذا ظاهر في الغاية.
فانقدح من جميع ما مرّ : أنّ ما أورده من تعارض الاستصحابين في الحكم الواحد
__________________
(١) « ز ، ك » : عليهالسلام.
(٢) تقدّم في ص ٩٥.
(٣) « ز ، ك » : إنّ الوجدان.
(٤) « ج » : يوضحه.