شخصيا ففيهما ، وإن كان نوعيا فكذلك. بل التحقيق أنّ الظنّ باللازم بعينه هو الظنّ بالملزوم كما لا يخفى ، فربّما لا يكون الملزوم ممّا يكفي (١) فيه مطلق الظنّ أو الظنّ النوعي على ما عرفت في المقارن ، وهكذا الكلام في استصحاب أحد الملازمين (٢) لإثبات الملازم الآخر ، إلاّ أنّ بينهما فرقا آخر من جهة أخرى وهو أنّ استصحاب الملازم قد لا يفيد الظنّ بوجود الملازم الآخر لجريان أصل آخر في طرف ذلك الآخر إمّا موافقا لاستصحاب المستصحب المفروض فلا حاجة إليه ، وإمّا مخالفا فيتعارضان.
لا يقال : يمتنع أن يكون في جانب اللازم الآخر أصل يعارض الأصل في المستصحب ؛ إذ المفروض أنّ العلم بأحد الملازمين (٣) يوجب العلم بالآخر ، فكلّما فرض أحدهما موجودا وعلمنا بوجوده علمنا بوجود الآخر ، فهو أيضا مستصحب مثل استصحاب الآخر ، فدائما يكون الاستصحاب فيهما موافقا.
لأنّا نقول : إنّ وجود أحد الملازمين والعلم به إنّما يلازم وجود الآخر والعلم به فيما كانت علّة الموجود المعلوم المفروض علّة تامّة للآخر ، وأمّا إذا كانت من جملة أجزاء علّتها كأن تكون (٤) مقتضية له فيتوقّف حصول العلم على العلم بعدم المانع ، فقد لا يكون المانع معلوما فيصير الملازم الآخر مشكوكا مع العلم بوجود الملازم الآخر ، فالأصل حينئذ عدمه ، فلا يحصل الظنّ بوجوده عند جريان الاستصحاب في أحدهما ، وما ذكر لا يجري في الظنّ لإمكان تحصيل الظنّ بأنّ علّة أحدهما علّة تامّة للآخر فيحصل الظنّ ، وذلك بخلاف استصحاب اللازم لإثبات الملزوم ؛ إذ كلّما فرض وجود اللازم والمعلول فيلازمه وجود الملزوم والعلّة ، فيصير الملزوم أيضا من موارد الأصل ومجرى للاستصحاب الموافق لاستصحاب اللازم ، إلاّ أنّه مع جريان الأصل في الملزوم وحصول الظنّ به (٥) لا حاجة إلى جريان الأصل في اللازم ؛ لأنّ الظنّ بالملزوم هو
__________________
(١) « ز ، ك » : ممّا لا يكفي.
(٢) « ك » : المتلازمين.
(٣) « ك » : المتلازمين.
(٤) في النسخ : يكون.
(٥) « ج ، م » : بالملزوم.