وحيث إنّ توجيه بعض الأمثلة ليس ممّا يجدي في أصل المسألة فالأولى صرف عنان الهمّة إلى بيان ضابطة جامعة بين الموارد (١) فإنّها هي المهمّة.
فقد يقال في ذلك : إنّ الاستناد إلى الأصول المثبتة للآثار الشرعية بواسطة أمور غير شرعية ، والتعويل عليها لعلّه من باب الركون إليها بواسطة إفادتها الظنّ كما عليه بناء العقلاء ؛ إذ قد عرفت أنّه على تقدير إفادة الاستصحاب الظنّ كما هو المأخذ لبناء العقلاء في العمل به لا فرق بين الآثار الشرعية والعقلية والعاديّة ، فبعد (٢) وجود موضوعات تلك الآثار الشرعية (٣) المترتّبة على الآثار العقلية ولو ظنّا لا مانع من ترتيب تلك الآثار ؛ لأنّ الظنّ بالملزوم هو الظنّ باللازم على التحقيق ، أو يلازمه كما هو مذاق البعض ، وعلى تقدير اعتبار الظنّ الاستصحابي في الملزوم أو في اللازم لا وجه لإنكاره ، وقد عرفت أيضا في الهداية الحنفية (٤) أنّ بناء السلف من أصحابنا كالمفيد وأضرابه قبل ظهور دلالة الأخبار عليه على العمل بالاستصحاب ، كما يظهر من استدلال المحقّق (٥) من حيث استقرار بناء العقلاء عليه و (٦) إفادته الظنّ إلاّ أنّ ذلك ليس مطّردا ؛ لعدم الفرق بين الموارد التي لا يعتمدون على الأصول المثبتة والموارد التي يعوّلون عليها من هذه الجهة.
ويمكن أن يقال أيضا (٧) : إنّ الواسطة التي يترتّب عليها الحكم الشرعي في موارد الأصول المثبتة مختلفة : فتارة : على وجه لا يعدّ في العرف واسطة بل الحكم الشرعي في أنظارهم مترتّب على نفس المستصحب وإن كان بعد التدقيق والتحقيق مترتّبا على الواسطة ، وأخرى : على وجه يكون الواسطة جليّة لا يمكن الإغماض عنها ولو بحسب متفاهم العرف ، فعلى الأوّل يحكمون بترتّب الآثار الشرعية على المستصحب ، وعلى
__________________
(١) « ج ، م » : ضابطة لعلّها تجمع بين الموارد.
(٢) « ج ، م » : وبعد.
(٣) « ز ، ك » : تلك الأحكام والآثار الشرعية.
(٤) عرفت في ص ٢٣٥.
(٥) انظر معارج الأصول : ٢٨٦ ـ ٢٨٧.
(٦) « ز ، ك » : ـ و.
(٧) « ز ، ك » : ـ أيضا.