الثاني لا يحكمون بذلك ، وحسبان ترتّب الحكم الشرعي المترتّب على الواسطة عليه إمّا بملاحظة خفائها ، وإمّا بواسطة اتّحاد الواسطة والمستصحب وجودا وإن كانا مختلفين عنوانا.
وينطبق على الأوّل بعض الموارد المذكورة ، كما إذا شكّ في مانعية وسخ من وصول الماء إلى محال الوضوء والغسل ، فإنّ استصحاب عدم المانع لا يترتّب عليه حصول الطهارة الشرعية إلاّ بواسطة عاديّة هي وصول الماء إلى البشرة وكما إذا لاقى شيئا يابسا (١) لرطوبة نجسة مستصحبة فإنّهم يحكمون بترتّب (٢) نجاسة الملاقي على استصحاب الرطوبة النجسة مع أنّ ذلك لا يثمر إلاّ بواسطة تأثيرها في الملاقي وتأثّرها منها من حيث خفاء الواسطة ، بخلاف ما إذا كانت الواسطة جليّة كما في مثال مانعية الجورب أو مانعية الشمعة من وصول الماء على البشرة كما لا يخفى.
وينطبق على الثاني بعض الموارد الأخر كاستصحاب الكرّية في وجه ، وتوضيحه أنّ استصحاب الكرّية يتصوّر على وجهين : ففي وجه لا مجرى له عند التحقيق إلاّ بالمسامحة في الموضوع ، كما إذا استصحبنا وصف الكرّية كأن يقال : إنّ الماء الفلاني كان كرّا في الأمس وبعد انتصاف الماء في اليوم لا نعلم بعدمها وارتفاعها ، والأصل بقاء الكرّية ، وليس هذا الأصل من الأصول المثبتة لطهارة ملاقيه ، فإنّ من الأحكام الشرعية التي يترتّب على الكرّية ذلك ، إلاّ أنّ الكلام في جريان ذلك الاستصحاب ، لأنّ الكرّية المعلومة في الأمس إنّما كانت متعلّقة بموضوع قد ارتفع قطعا ، فلا يجري الاستصحاب إلاّ بعد المسامحة في موضوعه. وفي وجه آخر يجري الاستصحاب إلاّ أنّه لا يترتّب عليه طهارة الملاقي ، كما إذا استصحبنا بقاء الكرّ في الحوض بعد ما كان وجوده معلوما ، فإنّ طهارة الملاقي ليس من الآثار المترتّبة على بقاء الكرّ في الحوض ،
__________________
(١) كذا. ولعلّ الصواب شيء يابس.
(٢) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : يحسبون ترتّب.