نعم لو نذر شيئا (١) على تقدير بقاء الكرّ في الحوض يترتّب عليه ، وإنّما الطهارة مترتّبة على كرّية هذا الماء وهذا العنوان وإن كان مخالفا لبقاء الكرّ ولا يترتّب عليه إلاّ بواسطة ملازمة عقلية كأن يقال بعد استصحاب بقاء الكرّ في الحوض : وليس فيه ماء إلاّ هذا الماء ، فينتج : فهذا الماء كرّ ، إلاّ أنّه لمّا كان متّحدا في الوجود مع بقاء الكرّ المستصحب لا يعدّ في عداد الوسائط ، فيسامحون في ترتيب آثار (٢) عنوان على عنوان آخر ، لاتّحادهما وجودا.
وفيه : أنّه لا يجدي في جميع الموارد بمعنى عدم اطّراده ، فربّما يعتمدون بتلك الأصول مع جلاء الواسطة واختلاف الوجود أيضا. على أنّ الثاني غير منعكس أيضا ؛ إذ قد تكون الواسطة منتزعة (٣) من المستصحب ولا يعوّلون (٤) على الاستصحاب ، كما إذا فرضنا وجود زيد في الدار وكان مهدور الدم ، ثمّ شككنا في بقائه فيها مع العلم بوجود شخص غير معلوم في الدار ، فاستصحاب وجود زيد في الدار لا يجدي في قتله كما هو ظاهر. على أنّ اختلاف الأحكام باختلاف العنوان ممّا لا ريب فيه وإن اتّحد المعنون ، فمجرّد الاتّحاد الوجودي مع اختلاف عناوين الوجود غير مجد ، وعدم التفات العرف إلى مثل ذلك غير مضرّ ؛ لعدم مدخلية العرف في أمثال ذلك كما لا يخفى.
وقد يفصّل في العمل بالاستصحاب المثبت في مثال الوضوء والغسل بين أن يكون الشكّ في وجود المانع ، أو مانعية الموجود ، ففي الثاني لا عبرة به (٥) ، وفي الأوّل يعتمد عليه ، كما عن بعض مشايخنا المعاصرين أدام الله إفاداته (٦) ، وتفصّى عن إثبات الأصل بالسيرة (٧).
__________________
(١) « ج ، م » : بشيء.
(٢) « ز ، ك » : ـ آثار.
(٣) « ج ، م » : يكون الواسطة منتزعا.
(٤) « ز ، ك » : فلا يعوّلون.
(٥) « ج ، م » : ـ به.
(٦) « ز ، ك » : ـ أدام الله إفاداته.
(٧) قال في الفصول : ٣٧٨ : وأمّا التعويل على أصالة عدم حدوث الحائل على البشرة في الحكم