وليس بذلك البعيد (١) إلاّ أنّه خارج عن المفروض ، وقد عرفت (٢) اعتبار الظنّ بعدم المانع عن كاشف الغطاء تفصّيا عن ذلك.
ويمكن أن يقال أيضا : إنّ غالب الموارد التي يتمسّك فيها بتلك الأصول إنّما هو في مواضع (٣) التداعي كما فيما حكيناه عن المحقّق (٤) ، ولا ريب أنّ المتداعيين يختلف تقاديرهم في تحرير الدعوى عند الحاكم ، فربّما يكون تشاجرهم في شيء بحيث لو أثبته المدّعي بإقامة بيّنة شرعية أو حلف عليه كان ما هو المقصود من التشاجر راجعا إليه وإن لم يكن البيّنة وافية بإثبات المقصود ، لتسالمهم في الأمر الآخر ، فكأنّ مقصود المدّعي مركّب (٥) من أمرين أحدهما ثابت بالبيّنة والآخر بالتسليم (٦) من الآخر ، وكذا الكلام في جانب المنكر فإنّ مطابقة قوله للأصل ربّما يكون من جهة مجرّد تشخيص المدّعي والمنكر بإجراء أحكامهما عليهما ، فلا يعتبر في ذلك أن يكون الأصل المطابق لقوله وافيا بتمام مقصوده فقد لا يكون كذلك ، وأمّا ترتّب المقصود على ذلك إنّما هو بواسطة التسالم بينهما كما يظهر ذلك في تقديمهم قول مدّعي الصحّة في عقد يدّعي أحد المتعاقدين وقوعه على عوض غير مملوك كالخمر والخنزير ، والآخر على ألفي دينار مثلا ، فإنّ أصالة الصحّة لا تقضي (٧) بوقوع العقد على ألفين وإنّما قضيّة ذلك عدم كون الخمر والخنزير أحد العوضين ، فالحكم باشتغال ذمّة الآخر بالمبلغ المزبور بعد الحكم
__________________
(١) « م » : التعبّد.
(٢) عرفت في ص ٢٦٨.
(٣) « م ، ك » : موضع.
(٤) حكاه عنه في ص ٢٦٩.
(٥) كتب فوقه في نسخة « م » : مركّبا.
(٦) « م » : لتسليم.
(٧) « م » : لا يقضي ، « ج » : لا تقتضي.