في جهة ثبوت الواقع باليمين فإنّها أيضا كسائر الطرق الاجتهادية مثبتة للواقع كالبيّنة نظرا إلى الأمر بالتصديق للحالف في الدليل الدالّ عليه ، ومن المعلوم أنّ بعد فرض واقعية اليمين يترتّب عليها تمام أحكام الواقع كما في غيرها على ما مرّ.
وأمّا الاستناد إلى الأصل فلا يثمر إلاّ في تشخيص المدّعي والمنكر عند القاضي ، ولا يلزم أن يكون الأصل الموافق لقول المنكر وافيا بإثبات مرامه بتمام أجزائه ، فأصالة تأخّر الموت إنّما تجدي (١) في كون المدّعي لذلك (٢) منكرا فعليه اليمين ، ثمّ يترتّب على اليمين تأخّر الموت عن الإسلام ، ثمّ بعد ثبوت ذلك باليمين ينتصف المال بينهما ، نعم يتمّ النقض بذلك لو قلنا بكونه وارثا مع عدم اليمين بمجرّد الأصل ومع عدم التسالم ، ودون القول بذلك حينئذ خرط القتاد.
هذا ما يقتضيه الجليل (٣) من النظر (٤) وأمّا دقيق النظر (٥) فلا يرى استقامته أيضا.
أمّا أوّلا : فلأنّ دعوى ترتّب الأحكام التي هي من لواحق تأخّر الموت عن الإسلام كوراثة (٦) المدّعي للتأخّر ونحوها على تسالمهما ، مكابرة صرفة ومجازفة محضة ؛ للقطع بأنّ الآخر في الأغلب ممّا لا يرضى بذلك أبدا وهو ينفي استحقاقه للإرث رأسا ، فقد يكون بعض الدعاوي مترتّبا على بعض آخر وإظهار البعض ربّما يكون مقدّمة لإظهار الآخر ، فكيف يقال بالتسالم؟ ولو فرض إقراره أحيانا بذلك فلا يمكن الأخذ بإقراره أيضا ؛ إذ الغالب إنّما هو من باب التعليق (٧) على الأمور المستحيلة ولو بحسب اعتقاده. وأمّا التنظير بأصالة الصحّة فممّا لا يجدي أيضا ؛ لأنّ المشتري في مقام ادّعاء بطلان البيع رأسا فلا يظهر (٨) منه تسليم كون العوض شيئا مملوكا فضلا عن
__________________
(١) « ج ، م » : يجدي.
(٢) « ز ، ك » : لذاك.
(٣) كانت أوّلا في نسخة « م » : « الجلي » ثمّ غيّر بما في المتن وعكس ذلك في نسخة « ك ».
(٤) « ز ، ك » : جليل النظر.
(٥) « ز ، ك » : وأمّا دقيقه.
(٦) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : كوارثه.
(٧) « ز ، م » : التعلّق.
(٨) « م » : ولا يظهر ، « ج » : لا يظهر.