فيما إذا كان المقصود بأصالة التأخّر تأخّر الحادث عن صاحبه ، فنقول : لا ريب في ترتّب (١) أحكام التأخّر مطلقا بخلاف الأحكام المترتّبة على تأخّره عن صاحبه ، ثمّ إنّ هذين الحادثين إمّا أن يكون تاريخ وجودهما مجهولا ، وإمّا أن يكون أحدهما معلوما والآخر مجهولا ، وأمّا فرض المعلومية فيهما فخارج (٢) عن المفروض.
أمّا في الأوّل : فلا يحكم بأحدهما ، كما في تعارض الجمعتين في بلد واحد ، أو في الغرقى والمهدوم عليهم ، والطهارة والحدث ، ونحوها (٣) ممّا لا ضبط فيها ، وقد يقال في أمثال ذلك بتقارنهما ، فإن كان التقارن عبارة عن وجود أحدهما مصاحبا للآخر على وجه يكون أمرا وجوديا كما هو الظاهر فلا عبرة به ، وإن كان عبارة عن عدم تقدّم أحدهما على الآخر فيكون أمرا عدميا مفادا للأصل فيهما فلا غائلة فيه إلاّ أن يقال بترتّبه (٤) على الأوّل أيضا لكون الواسطة خفيّة كما لا يخفى.
وأمّا الثاني : فربّما يكون مفيدا من طرف واحد ، وربّما يكون مفيدا من الطرفين (٥) ، والمعيار في ذلك أنّه كلّما كان أحد الطرفين أو كلاهما مجرى للأصل العدمي فهو مفيد لترتّب أحكام العدم والتأخّر عليه ، بخلاف ما إذا كان لازما من لوازم العدم.
مثال ما إذا كان الأصل مفيدا من طرف واحد ما إذا علمنا بحدوث كرّية الماء المفروض في الحوض ـ مثلا ـ وحدوث ملاقاة اليد النجسة لهذا (٦) الماء فإذا لم يكن أحد التاريخين معلوما فلا كلام ، وأمّا إذا كان تاريخ الكرّية معلوما كأن كان في السبت ولم يعلم تاريخ الملاقاة فاستصحاب عدم الملاقاة في الجمعة لا يثمر في استصحاب (٧) طهارة اليد لكونه مثبتا ، إذ من لوازم الملاقاة يوم حال الكرّية هو الطهارة وليست من لوازم
__________________
(١) « ج ، ز ، ك » : ترتيب.
(٢) « م » : خارج ، « ج » : فهو خارج.
(٣) « م » : نحوهما.
(٤) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : مترتّبة.
(٥) « ج » : طرفين.
(٦) « م » : بهذا.
(٧) في « م » كانت أوّلا « إثبات » ثمّ شطب عليها وكتب تحتها بما في المتن.