وثالثا : لا يثمر في الأجزاء الباقية إذ لا يزيد ذلك على القطع الوجداني بصحّتها وعلى تقديره لا يجدي بالنسبة إليها كما لا يخفى.
ويمكن أن يقرّر الاستصحاب في هذا المقام بوجوه إلاّ أنّه لا يجدي في الكلّ.
الأوّل : استصحاب القابلية ، وبيانه : أنّ القراءة ـ مثلا ـ كان على وجه يصحّ أن يكون جزء فعليا للصلاة ، وبعد حدوث تلك الحادثة لا يعلم بقاؤها على هذه الصفة والأصل بقاؤها.
وفيه : أنّ الشكّ في كون الجزء المفروض قابلا لأن يصير جزء فعليا من الصلاة إمّا بواسطة أمر سابق على ذلك الجزء أو في نفس ذلك الجزء أو بواسطة أمر لاحق له. لا معنى له على الأوّلين لما عرفت من القطع بذلك ، وكذا على الثالث ؛ لأنّ الشكّ إنّما هو في اللاحق ، واستصحاب كونه جزء فعليا لا يرتفع الشكّ الموجود بالنسبة إلى اللاحق ، لكونه من الأصول المثبتة.
الثاني : استصحاب وجوب الإتمام ، فإنّ قبل عروض سانحة كان الواجب إتمام الصلاة ، وبعد ذلك لا يعلم به ، فيستصحب الوجوب السابق.
وفيه : أنّ الإتمام معناه ضمّ الأجزاء الباقية إلى الأجزاء الماضية ليتمّ العمل والمفروض عدم العلم بالباقي والشكّ في اعتبار شيء آخر فيه ، واستصحاب وجوب الإتمام لا يجدي في ارتفاع الشكّ في أنّ الشيء (١) الفلاني جزء أم لا.
الثالث : استصحاب حرمة القطع ؛ لأنّ قبل حدوث الشكّ كان يحرم على المكلّف قطع الصلاة ، وبعده يشكّ في الحرمة والأصل بقاؤها ، فيحرم عليه التكلّم أو شيء آخر من القواطع.
وفيه : أنّ حرمة القطع وفعل القاطع إن أريد حرمته بذاته مع قطع النظر عن اتّصافه
__________________
(١) « ج » : الجزء.