بعمومها تدلّ على عدم جواز رفع اليد عن العمل ، ففيما لو لم يكن وجه للإبطال سوى ذلك فظاهر. وأمّا في القسم (١) الآخر فعدم جواز رفع اليد إمّا بواسطة وجوب المضيّ في العبادة وإن كانت فاسدة ، وإمّا بواسطة صحّتها وكونها مسقطة للقضاء والإعادة ، والأوّل باطل ؛ للعلم بانتفائه عدا ما ثبت في موارد مخصوصة ، فتعيّن الثاني. وليس لأحد أن يقول : إنّ وجوب المضيّ لا يبقي الشكّ في المانعية أو الجزئية ـ مثلا ـ كما في الاستصحاب ؛ إذ التمسّك بالأدلّة الاجتهادية كالكتاب يجدي بالنسبة إلى إثبات اللوازم والملزومات كما في الاستدلال على صحّة المعاملة بوجوب الوفاء لها على ما هو المدلول عليه بقوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ )(٢) إذ قد يمكن استكشاف بعض الموضوعات بعموم العامّ ، كما (٣) إذا شكّ في كون زيد صديقا للمولى مع العلم بكونه من جيرانه بعد ما أمر المولى بإضافة جيرانه على وجه العموم مع العلم بعدم إرادة العدوّ منهم ، فبعموم وجوب إضافة الجيران وإكرامهم يحكم في المشكوك بكونه صديقا فيجب إضافته وإكرامه ، فنقول بمثل ذلك في المقام فإنّ حرمة الإبطال وعدم جواز رفع اليد عن العمل بعمومها (٤) يستكشف عن صحّة العمل ، فالصحّة مستفادة من عموم النهي كما لا يخفى. هذا غاية ما يمكن أن يقال في تقريب الاستدلال.
والإنصاف عدم دلالة الآية على ذلك ؛ إذ الوجوه المحتملة فيها كثيرة :
الأوّل : أن يكون المراد بها إحداث صفة البطلان في العمل والنهي عنه على ما يقتضيه ظاهر قوله : « لا تبطلوا » فإنّه من الإبطال وهو في اللغة ظاهر في إحداث البطلان الذي (٥) هو المصدر المجرّد منه بعد ما كان العمل صحيحا ولم يكن باطلا ، فيختصّ بما إذا كان العمل صحيحا لو لا الإبطال ، بل الظاهر منه على المفروض أن يكون الإبطال بعد تمام العمل ووقوعه على وجه الصحّة بإحداث عمل محبط لما وقع
__________________
(١) « ز ، ك » : تقسيم.
(٢) المائدة : ١.
(٣) « ج ، م » : + فيما.
(٤) « ز ، ك » : بعمومه.
(٥) « ز ، ك » : ـ الذي.