المقام الأوّل
في القسمين الأوّلين ، فنقول : التحقيق (١) عدم الاحتياج إلى الاستصحاب فيهما ، وعلى تقديره فلا يجدي فيما هو المطلوب عند الشكّ في البراءة والاشتغال.
أمّا الأوّل : فلأنّ الحاجة إلى الاستصحاب إنّما هو فيما إذا كان المستصحب مشكوك البقاء أو الحكم المترتّب عليه ، وجودا كان المستصحب أو عدما ، فعند ذلك يحكم ببقاء ذلك المستصحب إمّا بواسطة إثبات نفسه ، وإمّا بواسطة إثبات الحكم المتفرّع عليه ، والمقام ليس منه ، إذ ليس المقصود إثبات نفس المستصحب بدون أن يترتّب عليه شيء ، وأمّا الأحكام المترتّبة على المستصحب فهي مترتّبة على ما هو مقدّم طبعا على الاستصحاب وهو مجرّد الشكّ المعتبر في محلّ الاستصحاب ومجراه. وتوضيحه : أنّ أحكام المستصحب ـ وجودا كان أو عدما ـ قد يختلف مع الأحكام المترتّبة على عدم العلم به والشكّ فيه كما (٢) في استصحاب وجود زيد وعدمه ، فإنّ ما يترتّب على الوجود المحكوم بالبقاء ـ كالحكم بعدم جواز نكاح حليلته ، ووجوب النفقة عليه ، ووجوب انعزال نصيبه من مال مورّثه ، ونحوها ـ ممّا لا يترتّب على عدم العلم بوجوده ، فمجرّد عدم العلم مع عدم العلم بالحالة السابقة الوجودية لا يجدي في ترتيب هذه الأحكام ، وقد يتّحد مع الأحكام المترتّبة على عدم العلم بذلك (٣) المستصحب ، فإذا لا حاجة في الحكم بترتيب هذه الآثار على إحراز وجود المستصحب أو عدمه ، بل يكفي في ذلك مجرّد عدم العلم ، كما فيما إذا شككنا في حجّية شيء كالظنّ ـ مثلا ـ فإنّ ما يترتّب على عدمها إنّما يترتّب على نفس الشكّ فيها ، كما نبّهنا على ذلك فيما تقدّم في مباحث الظنّ (٤) حيث تمسّك بعضهم في مقام تأصيل الأصل بأصالة عدم الحجّية ، وما
__________________
(١) « ز ، ك » : إنّ التحقيق هو.
(٢) « م » : كما هو.
(٣) « ز ، ك » : « عدم ذلك » ، بدل : « عدم العلم بذلك ».
(٤) نبّه في ج ٣ ، ص ٧٦.