التقديرين لزوم الامتثال من الأحكام العقلية المترتّبة على الاشتغال فعند وجوده الحقيقي يترتّب عليه لزوم الامتثال المطلوب من استصحابه في أمثال المقام ، وأمّا عند إحراز الاشتغال بالاستصحاب لا يترتّب عليه إلاّ أحكامه الشرعية.
نعم ، يصحّ في المقام استصحاب الوجوب الذي هو حكم شرعي ؛ إذ معنى الاستصحاب هو جعله في مقام الظاهر وإنشاؤه ، وبعد الجعل والإنشاء (١) يترتّب عليه (٢) جميع لوازمه العقلية والشرعية من وجوب الامتثال وحدوث الاشتغال ، فإنّه على تقدير القول بالجعل ظاهرا حقيقي واقعي لا استصحابي ظاهري كما لا يخفى.
نعم ، يترتّب على استصحاب الاشتغال آثاره الشرعية المترتّبة عليه ، مثلا لو قيل بأنّ من اشتغل ذمّته بالفرائض لا يجوز له ارتكاب السنن والنوافل ، صحّ الاستناد إلى الاستصحاب في الحكم بعدم جواز ارتكاب النوافل له ، ومن اشتغل ذمّته بالظهر لا يجوز له الدخول في العصر.
اللهمّ إلاّ أن يقال في المقام بأنّ الاستصحاب مجد من وجهين :
أحدهما : أنّ المستفاد من الأمر بإبقاء الاشتغال حال الشكّ عرفا هو جعل الحكم الشرعي وإنشاء طلب ظاهري ؛ إذ كما عرفت أنّ الاشتغال والوجوب من أطراف إضافة واحدة كالصفة المنتزعة من المأمور به وهي المطلوبية ، فإنّ بعد كشف الشارع والطالب عن إرادته الجازمة يمكن لنا انتزاع تلك الأوصاف من محالّها ، فالمراد بالحكم الشرعي هو الأثر الباقي بعد الإنشاء ؛ ضرورة انعدامه بعد وجوده على ما صرّح بذلك أستاد (٣) الكلّ في رسالته المعمولة في مقدّمة الواجب ، فكما أنّ الحكم بالبقاء المستفاد من دليل الاستصحاب يعدّ عرفا جعل حكم مثله في الظاهر ، فكذلك بالنسبة إلى الصفة المنتزعة من المكلّف ، فإنّ التفرقة بينهما مكابرة.
__________________
(١) « ج ، م » : ـ والإنشاء.
(٢) « ز ، ك » : ـ عليه.
(٣) « م » : الأستاد.