وثانيهما : أنّه لا ريب في ترتّب الأحكام الشرعية المترتّبة على الاشتغال عليه بعد الاستصحاب ، كعدم جواز الدخول في العصر بعد الشكّ في الإتيان بالظهر واستصحاب بقاء الاشتغال بالظهر ، وقد يكون ذلك الحكم الشرعي المجعول في مرحلة الظاهر كما هو المستفاد (١) من استصحاب موضوعه ، لازما لحكم شرعي آخر ، وحينئذ فلا ريب في لزوم الأخذ بهذا الحكم الشرعي أيضا ؛ إذ بعد القول بمجعولية هذا الحكم الشرعي فيترتّب عليه جميع ما يترتّب عليه ويجب الأخذ بكلّ ما هو مستند إليه كوجوب مقدّماته ونحو ذلك ، ومن جملة مقدّمات الإتيان بالعصر إنّما هو الإتيان بالظهر قبل الإتيان به ، فالقطع ببراءة الذمّة عن صلاة العصر يتوقّف على الإتيان بالظهر حال الشكّ ، وهو من نتائج بركات بقاء الاشتغال استصحابا وذلك ظاهر.
ثمّ أنّه قد يتوهّم : عدم الفرق بين استصحاب الاشتغال وقاعدته ؛ حيث إنّ كلاّ منهما موقوف على العلم السابق والشكّ اللاحق ، وقد مرّ (٢) منّا ما يوضح به فساد ذلك ، فإنّ الحكم المترتّب على المستصحب إنّما هو مترتّب عليه ، فبانسحابه في الزمن الثاني يترتّب عليه بخلافه في قاعدة الاشتغال ؛ إذ لا حاجة فيها إلى انسحاب المعلوم كما في قاعدة البراءة واستصحابها.
المقام الثاني
في القسم الأخير من الأقسام المذكورة ، ونقول فيه أيضا : إنّ بعد الإجمال في المكلّف به تارة : يكون الشكّ في أنّ ما يمكن الامتثال به مبرئ عن الاشتغال اليقيني أو لا ، كما إذا تردّد المكلّف به بين المطلق والمقيّد بعد تعذّر المقيّد ، وأخرى : في أنّ أحد الفعلين مبرئ مع التمكّن منهما معا أو لا (٣).
__________________
(١) « ز ، ك » : الظاهر المستفاد.
(٢) مرّ في ج ٣ ، ص ٣٣٢ وما بعدها.
(٣) « ج ، م » : ـ أو لا.