ولقد أجاد فيما أفاد من أصل المدّعى (١) وإن كان ما أجاد فيما فرّع عليه ، أمّا أوّلا : فلأنّ النجاسة ليست من الأحكام المترتّبة على الموت حتف أنفه فهي من لواحق عدم التذكية كما يستفاد من حصر المحلّل في المذكّى في قوله (٢) تعالى : ( وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ )(٣) وفي الخبر : « فما علمت أنّه مذكّى فهو حلال » (٤) فالحرمة والنجاسة إنّما هما (٥) مترتبان في عنوان الأدلّة على عدم التذكية وضدّاهما عليها (٦) ، فاستصحاب عدم التذكية وإن كان لا يجدي في إثبات الموت حتف أنفه ـ لأنّ نفي أحد الأضداد بالأصل لا يوجب إثبات الضد الآخر ؛ لكونه من الأصول التي لا تعويل عليها ـ إلاّ أنّه لا حاجة إلى إحراز الموت في هذه الأحكام.
وأمّا ثانيا : فلأنّ عدم المذبوحية ممّا لا يختلف أبدا فهو عدم واحد مستمرّ مستصحب وهو معلوم حال الحياة ، وبعد إزهاق الروح يشكّ في رفع ذلك الأمر العدمي المعلوم ، والأصل يقضي (٧) ببقائه ، ولا يعقل الترديد بين أن يكون ذلك العدم لازما للحياة أو (٨) الموت حتف أنفه ؛ لعدم التمايز بين قسميه كما في سائر الأعدام ، وبعد إحرازه (٩) بالأصل على ما هو معلوم لكونه مفادا للأصل يترتّب عليه أحكامه المترتّبة عليه ، وعدم نجاسة الجلد (١٠) حال الحياة ممّا لا دخل له في نجاسته بعد الممات وزهوق (١١) الروح.
أفاد الأستاد أدام الله إفاداته (١٢) أنّ في سالف الزمان كنّا نفصّل بين الكلّيات الذاتية
__________________
(١) « ز ، ك » : أجاد في أصل المدّعى.
(٢) « ج ، م » : قوله.
(٣) المائدة : ٣.
(٤) وسائل الشيعة ٣ : ٤٠٨ ، باب ٩ من أبواب النجاسات والأواني والجلود ، ح ٦ ، و ٤ : ٣٥٤ ، باب ٢ من أبواب لباس المصلّي ، ح ١ ، وفيها : « كلّ شيء منه جائز إذا علمت أنّه ذكّي ».
(٥) « ج ، م » : ـ هما.
(٦) « ز » : عليهما.
(٧) « ج » : يقتضي.
(٨) « م » : إذ.
(٩) « ز ، ك » : إحرازها.
(١٠) « ز » : الحلية ، « ك » : عدم النجاسة والحلية.
(١١) « ز ، ك » : إزهاق.
(١٢) « ز ، ك » : ـ أدام الله إفاداته.