الأطراف المحتملة ، والمفروض وجوب العمل بتلك القطعة من الأحكام المعلومة تفصيلا ، فلم يفد العلم الإجمالي في هذه القطعة شيئا ، فأصالة عدم النسخ فيها لا تجدي (١) ، للعلم بحكمها تفصيلا ، فتلك القطعة ليست بمحلّ الابتلاء من المكلّف ، وتبقى أصالة عدم النسخ في المائة الباقية سليمة عن المعارض حاكمة على قاعدة المقدّمية ، فيجب الأخذ بها ؛ لكونها دليلا شرعيا ظاهريا.
فإن قلت : نعم ، ولكن نحن ندّعي وجود (٢) العلم الإجمالي بين المائة الباقية أيضا ، فلا يمكن إجراء أصالة عدم النسخ فيها أيضا.
قلت : على هذا التقدير يختلف الأحكام باختلاف الموارد ، فإنّه يتصوّر النسخ في تلك المائة على وجوه : فتارة : نعلم (٣) بأنّ بعض الأحكام الواجبة في الشرائع السابقة قد صارت محرّمة ، وتارة : نعلم بأنّ بعضا (٤) منها صارت مباحة ، وتارة : نعلم بأنّ بعض الأحكام المباحة في تلك الشرائع (٥) صارت واجبة ، وتارة : نعلم بأنّ منها صارت محرّمة ، فلا يجري الاستصحاب على بعض الوجوه كما في الوجهين الأخيرين ؛ لأنّ الإباحة في الشريعة السابقة لا يجدي (٦) استصحابها في قبال العلم الإجمالي بانقلابها وجوبا أو تحريما ، ويجري في الوجهين الأوّلين ؛ لأنّ الإباحة لا حكم لها ، إذ (٧) لا مقدّمة للمباح.
وتوضيحه : أنّ العلم الإجمالي يجب الامتثال بأطرافه مقدّمة ، وفيما كان المباح معلوما إجماليا لا يجب إحرازه ؛ لانتفاء المقدّمة فيه كما بيّنا الوجه في ذلك فيما مرّ ، فكن على بصيرة من الأمر في الموارد وتدبّر (٨).
__________________
(١) في النسخ : لا يجدي.
(٢) « ج ، م » : بوجود.
(٣) « ج ، م » : يعلم.
(٤) « ج ، م » : ـ بعضا.
(٥) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : الشريعة.
(٦) « ز ، ك » : لا تجدي.
(٧) « ج ، م » : أو.
(٨) « ز ، ك » : ـ من الأمر في الموارد وتدبّر.