بالتصديق عدم جريان الاستصحاب في الأحكام المذكورة ، ولعلّه إلى ما ذكرنا يشير المحقّق القمي في مقام الردّ على استصحاب النبوّة وقد نبّهنا (١) عليه (٢) ، وعلى هذا فلا بعد فيما أفاده وقد نبّه لذلك أيضا المحقّق النراقي (٣).
تذنيب
قد ذكروا في المقام ثمرات ليس شيء منها بشيء :
الأولى : أنّه على القول بجريان الاستصحاب فالأصل في كلّ أمر مجرّد عن قرائن التعبّدية أو التوصّلية أن يكون محمولا على التعبّد ، فلا يمكن الامتثال إلاّ بعد الإخلاص ونيّة القربة ؛ لثبوت ذلك في الشرائع السابقة لقوله تعالى : ( وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [ حُنَفاءَ ] وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ )(٤) حيث (٥) إنّ المستفاد من ظاهر الآية الشريفة أنّ الغرض في أمرهم والداعي إلى طلب ما هو المطلوب منهم منحصر في الإخلاص له تعالى في أعمالهم تحصيلا للقربة عنده وطلبا للزلفى لديه ، فحيثما لم يكن الداعي لهم في أفعالهم المأمور بها تحصيل القربة لم يحصل الامتثال ؛ لبقاء داعي الأمر والغرض منه ؛ فإنّ الظاهر أنّ اللام للغاية على حدّ قوله : ( فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً )(٦) وعلى القول بعدم جريان الاستصحاب فلا وجه لهذا الأصل ؛ لاختصاصه بالآية السابقة ، والأصل عدم ثبوت فعل زائد على القدر المعلوم من التكليف كما هو المرجع فيما شكّ في وجوبه وعدمه على ما مرّ في بعض المباحث الماضية.
وفيه أوّلا : أنّ من المعلوم أنّ جريان الاستصحاب على القول به لا بدّ وأن يكون
__________________
(١) « ج ، م » : تنبّه.
(٢) تقدّم في ص ٢١٨ ـ ٢١٩.
(٣) انظر مناهج الأحكام : ١٨٩ ـ ١٩٠ و ٢٣٨.
(٤) البيّنة : ٥. وله بحث عن هذه الآية في مقدّمة الواجب في مطارح الأنظار ١ : ٣٠٧ وما بعدها.
(٥) « ج » : ثبت.
(٦) القصص : ٨.