ما يعتبر في موضوع الحكم عرفا لا بدّ من إحرازه ، ثمّ يجري الاستصحاب على منواله ، سواء كان موافقا لما اعتبره العقل موضوعا على الوجه الذي مرّت (١) الإشارة إليه أم مخالفا ، من غير فرق بين موافقته لعنوان (٢) الدليل ومخالفته له ، فلو كان المعتبر في الدليل هو الماء المتغيّر مع عدم اعتبار التغيّر (٣) في الموضوع العرفي فالمتّجه هو العرف في ذلك ، فلا يفرق فيه الأدلّة اللفظية وغيرها كالإجماع ونحوه ، وقضيّة اعتبار هذا المعيار جريان الاستصحاب في الموارد المتقدّمة في أغلبها ؛ ضرورة اتّساع دائرة الاستصحاب على هذا التقدير جدّا ، ومنه استصحاب نجاسة الكلب بعد صيرورته جمادا بالموت ولو لم يعلم نجاسة الميتة ، كاستصحاب بقاء العلقة الزوجية بعد موت أحد الزوجين ، إلى غير ذلك.
الثالث : أن يكون المرجع عند الشكّ في الموضوع إلى ظواهر الخطابات الشرعية ولا ينافي ذلك ما تقدّم من كون المقسم (٤) هو ما كان الشكّ في الموضوع من جهة الشكّ في الأدلّة الشرعية ، فإنّ المراد هو أنّه قد يحتمل أن يكون المأخوذ في العنوان الشرعي على وجه يحتمل أن يكون قيدا في الموضوع ، وأن يكون مجرّد العنوانية والمرآتية من غير مدخلية له فيه ؛ لاحتمال أن يكون هو القدر المتيقّن ، فيؤخذ بما هو الظاهر فيها من اعتبار العنوان قيدا أو عنوانا فقط من غير ملاحظة العرف في انتزاعهم الموضوع والدقّة مخالفا أو موافقا ، واللازم على هذا التقدير عدم إحراز الموضوع في الأدلّة اللبّية ، فإن أقيم دليل على العرف فهو المرجع فيها ، وإلاّ فالمناط هو الدقّة ، وبدونها لا استصحاب ، فلو كان الدليل مشتملا على عنوان كما إذا ورد الماء المتغيّر نجس ونحوه ممّا ظاهره اعتبار الوصف (٥) العنواني فعند ارتفاعه لا استصحاب ، بخلاف ما إذا كان
__________________
(١) « ج ، م » : مرّ.
(٢) « ز ، ك » : بعنوان.
(٣) « ج » : التغيير.
(٤) « م ، ك » : القسم.
(٥) « ز ، ك » : مما هو ظاهر في اعتبار الوصف.