هي مشروطة عامّة يبتني الحكم فيها على كون الموضوع متّصفا بالوصف العنواني من غير أخذه فيه ، ومنه استصحاب نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره حيث تراهم يشيرون (١) إلى الماء فيقولون : إنّ هذا الماء كان نجسا وشكّ في بقائها والأصل بقاؤها مع أنّ من الظاهر أنّ هذا الماء لم يكن نجسا بل بوصف التغيّر (٢) ، فما كان معلوم النجاسة قد ارتفع والموجود غير معلوم النجاسة ، ومثله استصحاب نجاسة العذرة إذا استحالت ترابا ، والخشب المتنجّس إذا صار رمادا أو فحما مثلا.
وذلك ممّا يعرف من ديدنهم في الأمور (٣) المتعلّقة بهم عادة وغيرها أيضا ، وسواء في ذلك على ما عرفت وجود دليل لفظي أو لبّي على أصل الحكم ، لكن بعد تصرّف منهم في عنوان الدليل فيتخيّلون أنّ الموضوع في الكلب ليس خصوص الصورة (٤) النوعية التي بها يتميّز عن غيره من أنواع الحيوان ، ولا مطلق الجسم ، فلو انقلب حجرا لا يحكمون بذلك ، كما لو انقلب الخمر ـ مثلا ـ هرّة لا يعلمون بالاستصحاب ، بل يأخذون ما هو أعمّ من الصورة النوعية وما هو أخصّ من مطلق الجسم نظير تصرّفهم في الدليل الدالّ على نجاسة ملاقي النجس ، فإنّ الدقّة العقلية لا يقضي (٥) بالفرق بين ورود النجاسة على الماء أو ورودها عليه في صدق الملاقاة ، إلاّ أنّهم يفرّقون في ذلك زعما منهم أنّ النجاسة كباقي الأوصاف الحالّة في الجسم المتعدّية إلى غيره بالملاقاة ، كالحموضة ونحوها فإنّ ورودها يؤثّر في حموضة المورود (٦) دون أن يكون الماء واردا على الحموضة.
ومن هنا يعلم وجه اختلاف كلمات العلماء في موارد الاستحالة ، فهذا هو المحقّق قد يحكم (٧) باستصحاب نجاسة الخنزير الواقع في المملحة حيث حكم في المعتبر (٨) بعدم
__________________
(١) « ج ، م » : فيشيرون.
(٢) « ج » : التغيير.
(٣) « ج ، م » : أمور.
(٤) « ج ، م » : الصورية.
(٥) « ج ، ك » : لا يقتضي.
(٦) « ز ، ك » : المورد.
(٧) « ز ، ك » : المحقّق في الحكم.
(٨) المعتبر ١ : ٤٥١.