خلاّ قالوا بعود المالية والملكية والرهنية استصحابا لها مع وضوح أنّ بعد الانقلاب قد ارتفع الملكية والرهنية التابعة لها قطعا ، وهذه الملكية جديدة لم تكن محلاّ للرهنية ، ولو لا أنّ المرجع في الاستصحاب هو حكم العرف ببقاء الموضوع لما صحّ ذلك في وجه ، إلاّ أنّهم يزعمون بقاء الاختصاص الإجمالي في المنقلب خمرا ولهذا يحكمون بوجوب الردّ إلى الراهن ؛ لإمكان العلاج ، فالموضوع عندهم ليس خصوص الصورة النوعية المتقوّمة بالعصير ، بل الأمر المردّد بينه وبين مطلق الجسم وهو باق في الحالتين ، ومنه حكمهم بوجوب ردّ الخمر المنقلب من العصير على الغاصب فيما إذا غصبه عصيرا فانقلب خمرا ، ومع ذلك فعليه الضمان للقيمة ؛ لأنّه بمنزلة التلف كما في عوض الحيلولة ، ومنه حكمهم ببقاء الإطلاق في الماء إذا أريق فيه شيء (١) من الجلاب وغيره من المضاف أو استصحاب الإضافة في العكس ، فإنّ عدم بقاء الموضوع في هذه الموارد دقّة ممّا لا يدانيه شوب الإنكار مع ظهور إطباقهم على اشتراط بقاء الموضوع ، فلا مسرح لنا إلاّ القول بأنّ بقاء الموضوع في العرف على وجه يعدّ عرفا باقيا كاف في الاستصحاب.
وأمثال هذه الأمور في كلماتهم ممّا لا مجال لإنكارها ، ولكن لا بدّ من التفرقة بين المقامات فتراهم (٢) لا يعلمون بالاستصحاب في بعض الموارد ويأخذون به في نظيره على ما نبّهنا عليه ، ويمكن أن يكون ذلك بواسطة اختلاف المحمولات فإنّ القضايا العرفية تختلف (٣) من هذه الجهة أيضا ، كما هو مشاهد من ملاحظة قولنا : الإنسان ماش ، وقولنا : الحيوان كاتب ، وقولنا : الإنسان ضاحك ، فإنّ المستفاد من الأوّل عموم الموضوع بعموم (٤) المحمول ، واختصاصه في الثاني ، وتساويه في الثالث ، ولعمري تشخيص الموارد العرفية في غاية الإشكال ونهاية الإعضال وليس أمرا مطّردا
__________________
(١) « ج » : شيئا.
(٢) « م » : فيراهم.
(٣) في النسخ : يختلف.
(٤) « ج ، م » : لعموم.