هو ارتفاع موضوع الدليل حقيقة ولا يتحقّق ذلك إلاّ بعد تحقّق اليقين الواقعي الوجداني ، ومن المعلوم أنّ اليقين باعتبار شيء يغاير كون ذلك الشيء يقينا ، فالورود موضوع واقعي متفرّع على موضوع واقعي ، وجعل الشيء بمنزلة اليقين لا يترتّب عليه ما هو من لوازم حقيقة اليقين واقعا كارتفاع الشكّ مثلا ، فالتحقيق أنّه ليس من الورود ، بل هو من جهة التحكيم ، وتوضيحه يحتاج إلى تمهيد مقدّمتين :
الأولى : في أنحاء التصرّفات الواقعة في الأدلّة ولو بحسب ما يظهر منها صورة (١) ، فتارة : يكون بالورود على نحو ما عرفت آنفا ، وربّما يكون بينه وبين التخصّص (٢) فرق من أنّ التخصّص (٣) قد يكون أعمّ من الورود فإنّه على ما عرفت لا بدّ من أن يكون الوارد رافعا لموضوع المورود (٤) فينتفي ما هو المناط بعد وجود ذلك الدليل ، بخلاف التخصّص (٥) فإنّه قد يحتمل أن يكون فيما لا ارتباط بين الحكمين أيضا ، فإنّ وجوب إكرام زيد لا ارتباط له بوجوب (٦) إهانة عمرو مثلا ، ولا يبعد أن يقال بالتخصّص (٧) في ذلك ، فتأمّل.
وأخرى : يكون على وجه التخصيص ولازمه بقاء الموضوع وإخراج الحكم ، كما في قولنا : أكرم العلماء ، ولا تكرم زيدا العالم مثلا.
وأخرى : يكون على وجه الصرف عن الظاهر مطلقا كما في قرائن المجاز ، وذلك على وجهين : فتارة : يكون الصارف بمدلوله اللفظي ناظرا إلى الدليل الأوّل ، كما في قولنا : رأيت أسدا (٨) ، وقولنا : أعني الرجل الشجاع مثلا ، وأخرى : لا يكون الصارف كذلك ولكنّ العقل بعد ملاحظة ذلك الصارف وظهوره في مقام الصارفية يحكم بأنّ
__________________
(١) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : ظهوره.
(٢) « ج » : « التخصيص ».
(٣) « ج ، ز » : « التخصيص ».
(٤) « ج » : الورود.
(٥) « ج ، ز » : « التخصيص ».
(٦) « ج ، م » : لوجوب.
(٧) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : بالتخصيص.
(٨) « ك » : أسدا يرمي.