هداية
[ في تعارض الاستصحاب مع الأصول العملية ]
في بيان الحال في تعارض الاستصحاب مع الأصول العملية الدائرة في الأحكام والموضوعات كالبراءة والاحتياط والتخيير ، أمّا تعارض الاستصحاب مع البراءة بمعنى قاعدة البراءة لا استصحابها فإنّه على تقدير تعقّله كما مرّ إليه الإشارة (١) يكون من تعارض الاستصحابين ، وستعرف الكلام فيه إن شاء الله ، فلا شكّ في تقديم الاستصحاب عليها ، سواء قلنا بالبراءة من جهة حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان أو بواسطة أخبار الإطلاق والتوسعة فيما ليس فيه علم.
أمّا على الأوّل (٢) فالأمر واضح فإنّ حكم العقل لا يزيد على قبح العقاب على ما هو غير معلوم ولا ينافي ذلك جواز العقاب على ما هو معلوم ، ففي مورد تعارض الاستصحاب والبراءة لنا حكمان : أحدهما : الحكم الواقعي في واقعة العصير إذا ذهب ثلثاه بالشمس ـ مثلا ـ بعد الاشتداد والغليان الذي هو متعلّق جهل المكلّف ، وثانيهما : حكم الشارع بحرمة نقض الحالة السابقة والمفروض كونه معلوما ، فيختلف مورد الحكمين ، فإنّ حكم العقل (٣) بقبح العقاب إنّما هو في شيء غير معلوم ، والعقاب على
__________________
(١) « ز ، ك » : الإشارة إليه. وأشار إليه في ص ٣٨ وتقدّم الكلام فيه مفصّلا في ج ٣ ، ص ٣٢٩.
(٢) في هامش « ج » : تعارض الاستصحاب مع قاعدة البراءة العقلية.
(٣) « ز ، ك » : ـ فإنّ حكم العقل.