شيء معلوم ، ويكفي هذه الجهة في الحكم (١) بحرمة العصير العنبي إذا لم يذهب ثلثاه بالنار مثلا.
أمّا على الثاني (٢) فلوجوه ثلاثة : أحدها : ما عزاه بعضهم إلى صاحب الذخيرة وتبعه في ذلك سيّد الرياض (٣) قدّس الله روحهما الزكية (٤) من أنّ المنساق من أخبار البراءة هو الشكوك البدوية التي لم يرد فيها من أصل الشريعة أمر أو نهي ، وأمّا ما ورد فيه أمر أو نهي وإن كان بعد ذلك أيضا مشكوكا فلا تشمله هذه الأخبار ؛ إذ لا فرق في الورود بين أن يكون واردا في زمان الشكّ أو قبله ، إذ لا تقييد في قوله : « حتّى يرد فيه أمر أو نهي » (٥) ففيما له حالة سابقة لا تعارض بين الأخذ بالاستصحاب وقاعدة البراءة المستفادة (٦) من قوله : « حتّى يرد فيه أمر أو نهي » لدخوله تحت الغاية ، فلا يجوز إعمال البراءة ؛ إذ المفروض أنّه ممّا ورد فيه أمر وليس المقصود هو الأمر الاستصحابي ، بل الأمر الدالّ على ثبوت الحكم في الزمن الأوّل.
وفيه : أنّ المتبادر من الأخبار هو العلاج في حال الحيرة والجهل ، ولا يفرق في ذلك ورود النهي قبل ذلك مع الجهل في الحال ، فتنزيل هذه الأخبار على مثل ما ذكره السيّد في غاية البعد عند الدقيق من النظر وإن كان قد يجلو (٧) عند الجليّ من النظر ، فتدبّر (٨).
__________________
(١) « ز ، ك » : يكفي في هذه الجهة الحكم.
(٢) في هامش « ج » : تعارض الاستصحاب مع قاعدة البراءة الشرعية.
(٣) في هامش « م » : لا يخفى أنّ المتراءى من السيّد إنّما هو القول بذلك في قاعدة الطهارة لا في أصالة البراءة وإن كان مناط الأمر وملاكه فيهما متّحدا ، فتدبّر. « منه ». انظر ص ٤٣٠.
(٤) « ز ، ك » : ـ قدّس ... الزكية.
(٥) من هنا إلى قوله : أمر أو نهي ، سقط من نسخة « ك ». وتقدّم الحديث في ج ٣ ، ص ٣٥٨.
(٦) « ج ، م » : المستفاد.
(٧) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : قد يخلو.
(٨) « ز ، ك » : ـ فتدبّر.