وثانيها : ما ذكرنا في وجه (١) التقديم على تقدير استنادها (٢) إلى العقل ، والفرق بينه وبين الأوّل هو أنّ النهي الملحوظ في الأوّل هو غير النهي الاستصحابي. وفيه هو (٣) بعينه.
وثالثها : و (٤) هو التحقيق على ما أفاده (٥) أستادنا المحقّق رفع الله بدره في سمائه (٦) أنّ أخبار الاستصحاب حاكمة على أخبار البراءة فتكون (٧) مقدّمة عليها.
وأمّا الثاني فلما مرّ الكلام فيه في الهداية السابقة بما (٨) لا مزيد عليه.
وأمّا الأوّل فلما عرفت في بعض مباحث البراءة والاحتياط أنّ الحكم الوارد في موضوع الشكّ على قسمين : فتارة : يكون حكما للشكّ من غير أن يكون محتاجا في ترتيب الآثار إلى إحراز شيء كما في البراءة والاحتياط ، فإنّ مجرّد الشكّ يكفي في الحكم بترتيب آثار البراءة والاشتغال بحسب اختلاف مورديهما ، وتارة : يكون حكما للشكّ لكن بعد إحراز شيء آخر كما في الاستصحاب ، فإنّ ما يترتّب على المشكوك ليس من أحكام نفس الشكّ ، بل هو من أحكام الواقع المحرز في مقام الشكّ بالاستصحاب ، فالمنساق من أخبار البراءة هو الأخذ باحتمال عدم التكليف من حيث عدم العلم بالتكليف لا البناء على أنّ هذا الاحتمال هو الواقع ، فلا يستفاد منها جعل أحد (٩) طرفي الاحتمال بمنزلة الواقع كما في أخبار الاحتياط أيضا ، فإنّ الأخذ بأطراف الشبهة فيما يحتمل الوجوب ليس باعتبار البناء على أنّ المحتمل منزّل منزلة الواقع ، بل بواسطة احتمال أنّه الواقع ، وكذا فيما يحتمل الحرمة ، فإنّ الفرق بين الإذعان بواقعية احتمال والأخذ به من حيث إنّه واقع وبين الأخذ بشيء باحتمال أنّه الواقع في منار من
__________________
(١) « ج ، م » : توجيه.
(٢) « ج » : إسنادها.
(٣) « ز ، ك » : « ما مرّ » بدل : « هو ».
(٤) « ز ، ك » : ـ و.
(٥) « ز ، ك » : أفاد.
(٦) « ز ، ك » : ـ رفع ... سمائه.
(٧) في النسخ : فيكون.
(٨) « ز ، ك » : ممّا.
(٩) « ز ، ك » : أخذ.