بالشكّ هو في غير موارد الدليل كما لا يخفى.
ومن هنا ينقدح الوجه في عدم ذهابنا إلى القول بالإجزاء فيما لو (١) انكشف الخلاف في الطرق الظاهرية ؛ إذ بعد ما فرضنا من أنّ المصلحة في جعل هذه الطرق لا تزيد (٢) على مصلحة الواقع بل إنّما تكون (٣) طرقا موصلة إليه ، لا يعقل (٤) القول بالإجزاء ؛ ضرورة أنّ اللازم للقول بالإجزاء هو القول ببدليتها عن الواقع كما في التيمّم لا (٥) القول بطريقيتها (٦).
وكيف كان ، فالحقّ أنّ بعد وجود دليل (٧) الاستصحاب لا يجري دليل البراءة ؛ لأنّ عدم العلم المأخوذ في موضوع البراءة على ما يفسّره أخبار الاستصحاب غير الشكّ الذي يكون مسبوقا بالحالة السابقة ، فتكون أخبار الاستصحاب حاكمة (٨) على أخبار البراءة ، ولا ينافي ذلك حكومة الأدلّة الاجتهادية على الاستصحاب ؛ لأنّ العارف بصناعة الكلام له فهم هذا المقام فهو على وجه يحكم عليه الدليل ويكون حاكما على هذه الأصول ، والسّر في ذلك اختلاف مراتب الشكّ ، ففي موارد الأصول على ما قرّرنا مرارا لا مناص من اعتبار الشكّ فيها (٩) إلاّ أنّه ربّما يكون عدم الشكّ (١٠) المعتبر في بعضها مأخوذا في موضوع الآخر فيكون حاكما على الآخر ، وربّما يكون أحدهما (١١) في عرض الآخر فيتعارضان كما ستعرف.
وأمّا تعارض الاستصحاب مع الاحتياط ، فتقديم الاستصحاب عليه ممّا لا ينكر (١٢) ،
__________________
(١) « ز » : « إذا » بدل : « لو » وسقطت من نسخة « ك ».
(٢) في النسخ : لا يزيد.
(٣) في النسخ : يكون.
(٤) « ز » : لا يقضي ، وسقطت من نسخة « ك ».
(٥) « ز ، ك » : « على » بدل : « لا ».
(٦) « ج ، م » : بطريقتها.
(٧) المثبت من « ز » وفي سائر النسخ : ـ دليل.
(٨) « ج ، م » : فيكون ... حاكما.
(٩) المثبت من « ز » ، ولم ترد كلمة « فيها » في سائر النسخ.
(١٠) « ز » : الشكّ المأخوذ.
(١١) « ز » : « مأخوذا » بدل : « أحدهما ».
(١٢) « ز » : لا يخفى.