قلت : ولعلّ (١) ذلك موقوف على عدم استفادة الطريقية من أخبار القرعة ، وإلاّ فهو في الأدلّة الاجتهادية كالبيّنة أيضا كذلك ، فتدبّر.
تنبيه
اعلم (٢) أنّ موارد القرعة على قسمين : قسم له واقع غير معلوم عندنا كما في قطيعة الغنم الموطوءة واحدة منها ، والآخر ما ليس له واقع كأكثر موارد القرعة التي قالوا بالقرعة فيها اتّفاقا ، كما إذا وقع التشاحّ بين الزوجات في المضاجعة فيمن قدم (٣) من سفره أو من (٤) عقد عليهنّ دفعة واحدة ـ مثلا ـ [ و ] كما إذا تنازع المتعلّمان في تقديم أحدهما على الآخر في التعليم ، وكما إذا وردا في مكان من المسجد أو من مباح الأصل للحيازة مثلا ، أو إذا تشاجر الإمامان في الجماعة في المسجد ، وأمثال ذلك ممّا يقرب من عشرين موردا على ما عدّها بعض الأكارم.
فبملاحظة هذين القسمين ينقدح لك القول بأنّ تشريع القرعة إنّما هو بواسطة الوصول إلى المصالح الجزئية التي لا تكاد تنضبط ؛ لعدم اجتماعها في عنوان كلّي وأمر جامع لجميعها المكنونة في خصوص الموارد الجزئية والموضوعات الشخصية (٥) ، فإنّ المصالح الكلّية المنضبطة المندرجة تحت قاعدة كلّية إنّما بيّنها (٦) الحكيم الخبير (٧) في ضمن أصول كلّية ، وحيث إنّه كان بعد ذلك مصالح جزئية لم يكن يصل إليها المكلّفون إلاّ بجعل طريق للوصول إليها ، شرّع لنا ما به نهتدي إليها أيضا كالقرعة في الموارد المذكورة التي لا واقع (٨) لها ، ومنه (٩) الاستخارة في مقام الحيرة ، كذا أفيد.
__________________
(١) « ز ، ك » : وبعد.
(٢) « ج ، م » : ـ اعلم.
(٣) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : أقدم.
(٤) « ز ، ك » : ـ من.
(٥) « ز ، ك » : الخفية.
(٦) « ك » : نبّهنا.
(٧) « ج ، م » : اللطيف.
(٨) « ز ، ك » : وقع.
(٩) « ز ، ك » : منها.