فعل المسلم على الصحّة وستعرف تفصيل الكلام في الأخيرة ـ إن شاء الله ـ في محلّها (١) ، ولا إشكال في شمول تلك القاعدة للموارد التي يشكّ فيها في غير الوجود على تقدير التسرية من فعل الغير إلى فعل النفس كما ستطّلع عليها ، وإنّما الإشكال في شمول القاعدة التي نحن بصددها لهذه الموارد ، ووجه الإشكال أنّ الظرفية المستفادة من كلمة « في » في قوله : « فيه » في الأخبار المذكورة تارة : يراد بها الظرفية المتداولة عندهم في قولهم : « شكّ في شيء » يعني شكّ في أصل وجوده وعدمه ، فكلمة « في » صلة مبيّنة (٢) لما وقع في (٣) محلّ الشكّ ولما هو مشكوك ، كما في اللام الداخلة على المراد المبيّنة (٤) لأنّ ما دخلته هو المراد. وتارة (٥) : يراد بها الظرفية التي ليست من هذا القبيل ، فالشكّ (٦) في شيء معناه الشكّ في أثنائه لا في نفسه ووجوده.
ولا ريب أنّ المعنيين مختلفان (٧) ولا جامع بينهما ، فإن أريد من قوله : « فيه » المعنى الأوّل كما هو الظاهر من قولهم : « شكّ فيه » فلا ريب في عدم اشتمال القاعدة المزبورة لهذه الموارد إلاّ أن يرجع الشكّ إلى نفس ذلك الشيء الذي شكّ باعتباره في أثناء المشكوك فيه كما عرفت وإن كانت هذه الموارد مشمولة لقاعدة حمل الفعل على الصحّة على تقدير التسرية.
وإن أريد من قوله : « فيه » المعنى الثاني فيلزم خروج الموارد التي شكّ في نفس العمل وإن شملت الموارد التي حصل في العمل شكّ مع بعده عن مساق الرواية ، مضافا إلى لزوم تخصيص مورد الخبر ، فإنّ الشكّ في أجزاء الوضوء حين الاشتغال به ممّا يعتدّ به ولا بدّ من الأخذ بأصالة العدم فيها.
__________________
(١) وهو في الهداية الآتية.
(٢) « ك » : مبنيّة ( ظ ) وفي « ج » : مثبتة.
(٣) « ج ، م » : ـ في.
(٤) « ك » : المبنية ( ظ ) وفي « ج » : المثبتة ( ظ ).
(٥) في النسخ : فتارة.
(٦) « ج » : فانّ الشكّ.
(٧) « ج » مختلفين.