[ لتنبيه ] الثالث
لا إشكال في اعتبار هذه القاعدة الشريفة ؛ لكونها متلقّاة عن معدن الوحي ومهبط التنزيل ولا يخفى شرافتها على أحد ، بل وأقول : لا خفاء في كونها أتقن من القاعدة التي نحن بصددها من قاعدة الاستصحاب ، وإنّما الشأن في بيان المراد من المحلّ الذي اعتبر التجاوز عنه فيما هو المناط في هذه القاعدة ، فهل يتحقّق بمجرّد الفراغ عن الشيء ، أو يعتبر مع ذلك الدخول في شيء غيره؟ وعلى الثاني فهل يكتفى فيه بمجرّد المغايرة ولو مثل تحريك اليد والتنفّس (١) ونحوهما ، أو لا بدّ من الدخول فيما هو من أجزاء المركّب ، أو شيء آخر مستقلّ؟
فنقول : قد عرفت أنّ الشكّ تارة : يتعلّق بما هو معتبر في شيء شرطا أو شطرا ، وأخرى : يتعلّق بنفس الشيء ، فعلى الأوّل لا إشكال في ظهور المراد من المحلّ في الأجزاء ، فإنّ محلّ كلّ جزء هو بعد الجزء الذي اعتبره الشارع قبله وقبل كلّ جزء اعتبره بعده ، كما في قولك : ( نَسْتَعِينُ ) بعد قولك : ( إِيَّاكَ ) وقبل قولك : ( اهْدِنَا ) وهكذا بالنسبة إلى كلّ جزء يفرض ، سواء كان آية مستقلّة أو كلمة ونحوها.
نعم ، لو شكّ في أجزاء الكلمات كما فيما إذا شكّ في نون ( نَسْتَعِينُ ) أو في لين ( وَلَا الضَّالِّينَ ) فالتجاوز عن محلّها إنّما يصدق فيما إذا احتاج التكرار في المشكوك إلى تكرار في الأجزاء الأخر ، فإنّ إعادة لين لا يمكن إلاّ بإعادة ( وَلَا الضَّالِّينَ ) لعدم استفادة شيء ممّا هو المقصود من لين فقط أو النون فقط ، ولا فرق في ذلك بين الدخول في شيء آخر وبين عدمه ، سواء كان ذلك الشيء من الواجبات النفسية أو الغيرية أو المندوبات أو المباحات ؛ لعدم مدخلية شيء (٢) منها (٣) في ذلك.
وأمّا الشرائط فيحتمل أن يقال : إنّ محلّها قبل الدخول في المشروط ؛ لكونها أمورا (٤)
__________________
(١) المثبت من « م » وفي سائر النسخ : النفس.
(٢) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : في شيء.
(٣) « ز » : منهما.
(٤) « ز ، ك » : أمور.