مدّعي الفساد ، وغير ذلك ممّا لا يمكن اختفاؤه على من سلك سبيل الفقه ولو لحظة (١) ، مع اعتضاده بالسيرة القاطعة المستمرّة المتّبعة فإنّ بناء العمل خلفا عن سلف على حمل الأفعال الصادرة عن العباد ـ عبادة ومعاملة على أنحائها المختلفة وأقسامها ـ على الصحيح ، ويكفيك ملاحظة الأعمال الصادرة عنهم في مقامات متفاوتة كما لا يخفى (٢).
وأمّا العقل : فدلالته على هذا الأصل الشريف أظهر من أن ينكر وأوضح من أن يحرّر ؛ إذ (٣) لولاه لاختلّ النظام وينهدم ما عليه القوام فلا يتأتّى التصرّف في الأموال ولا التمتّع منها ولا تقوم (٤) جماعة للمسلمين ولا سوق ، بل لا يمكن المعاش في البلدان (٥) وشواهق الجبال والبرايا ، وذلك أمر ظاهر جدّا ، إلاّ أن يناقش في ذلك بأنّ بعد إعمال الأصول المقرّرة في الشريعة من الاستصحاب المعتبر في الموضوعات واليد والإقرار (٦) ونحوها لا نسلّم لزوم الاختلال على تقدير الإهمال ، ومع ذلك فالإنصاف ممّن جانب الاعتساف قاض باللزوم كما هو ظاهر جدّا.
وبالجملة : فالعمدة في إثبات هذا الأصل هو الإجماع والسيرة والوجه العقلي.
الثالث : قد عرفت (٧) أنّ الشيخ الجليل البارع صرّح بأنّ (٨) الأصل في الأقوال الصحّة (٩) ، وتحقيق القول فيه أنّ القول يلاحظ من وجوه : فتارة : من حيث إنّه فعل من الأفعال مع قطع النظر عن الدلالة ، وأخرى : من حيث إنّه دالّ على المعنى الموضوع تحقيقا أو تقديرا ، وتارة : من حيث مطابقة النسبة المأخوذة فيه للواقع وعدمها.
لا إشكال في لزوم حمله على الصحيح فيما لو دار بينه وبين الفاسد من حيث إنّه
__________________
(١) « ك » : ولاحظه.
(٢) في هامش « م » ـ ولم يتحقّق لي موضعه ـ : لادّائه إلى سوء الحال والمنايا ، فيجب لتقرأه.
(٣) « ك » : « و » بدل « إذ ».
(٤) « ج ، م » : يقوم.
(٥) « ز ، ك » : معاش البلدان.
(٦) زاد هنا في هامش « م » : وقاعدة الطهارة.
(٧) عرفت في ص ٤٦٧.
(٨) « ج » : « بجريان » بدل « بأنّ ».
(٩) « ج ، ز ، م » : ـ الصحّة.