مخالفا للواقع عملا (١) في اعتقادهم ، وأمّا صدق نفس الخبر ممّا لا رائحة فيها وقد أشبعنا الكلام في ذلك في مباحث الظنّ (٢) ، وأمّا الرواية الأخيرة فهي مجملة في غاية الإجمال فكيف يكون المؤمن الواحد حجّة في أفعاله وأقواله؟ ولا إشكال في ذلك وإنّما الإشكال في أنّ الأصل في خبر العادل هو القبول خرج ما خرج من الشهادة ، فلا يكفي فيها إلاّ عادلان ، أو عدم القبول ، ويثمر ذلك في الوكالة والنيابة ونحوها وقد ذكرنا (٣) ذلك مفصّلا في محلّه في مباحث الظنّ فراجعه متأمّلا مغتنما ، والله الموفّق الهادي إلى طريق السداد وسبيل الرشاد (٤).
الرابع : هل يحمل الاعتقاد على الصحّة ، أو لا؟ و (٥) الحقّ هو الأوّل من حيث نفس الاعتقاد ، فلا يترتّب عليه الآثار (٦) المترتّبة على فساد نفس الاعتقاد ، فيحكم (٧) بأنّ اعتقاده (٨) حاصل من الوجوه التي ينبغي تحصيل الاعتقاد (٩) منها دون الوجوه التي لا يجوز تحصيله منها ، وأمّا صحّته على وجه يتسرّى إلى صحّة المعتقد فلا دليل عليه.
ثمّ إنّ ما ذكرنا في الأفعال ـ من لزوم حملها على الصحيح فيما لو دار بينه وبين الفاسد نظرا إلى اختلال نظام المعاش ـ إنّما هو قضيّة إجمالية ولا بدّ في تفصيلها من التنبيه على أمور :
منها : هل الأصل المذكور ممّا يتساوى فيه العالم والجاهل بالأحكام الشرعية أو لا؟ فنقول : إنّ الصور المتصوّرة في المقام عديدة : فتارة : نعلم بأنّ الفاعل عالم بالأحكام
__________________
(١) « ج ، م » : عمدا.
(٢) لم يتقدّم ؛ لأنّ نسخ المطارح كانت ناقصة في ذلك المبحث.
(٣) « ز ، ك » : ذكر.
(٤) « ز ، ك » : والله الهادي.
(٥) كذا. والأنسب بدون « و ».
(٦) « ز » : آثار.
(٧) « ز ، ك » : والحكم.
(٨) « ز ، م » : بأنّ اعتقاد ، ثمّ غيّر في « م » ظاهرا بـ « أنّه اعتقاد ».
(٩) « ز ، ك » : تحصيلها للاعتقاد.