أصالة عدم وقوعه فاسدا إلاّ على القول بالأصول المثبتة التي لا تعويل عليها عند التحقيق ، لأنّ القول بتقديم هذا الاستصحاب على أصالة الصحّة هدم لما أسّسناه من القول بالأصل المذكور ، واللازم ضروري الفساد ؛ لما عرفت من المفاسد لولاه.
وإنّما الكلام في تقديم أصالة الصحّة على استصحاب موضوعي ينفكّ عنه في بعض الأحيان ، وهو أصالة عدم وقوع الموضوع الذي يشكّ من جهته في صحّة العقد وفساده ، مثلا إذا شكّ في صحّة العقد بواسطة الشكّ في رؤية المبيع أو بواسطة الشكّ في القبض في الصرف أو في الهبة ، فالأصل عدم وقوع الرؤية وعدم القبض.
وأمّا وجه انفكاكه عنه أنّ الشكّ في الصحّة قد يكون بواسطة وقوع العقد على واحد من الحادثين ، وقد يكون بواسطة وجود أمر معلوم العدم في السابق ، أو انتفاء أمر معلوم الوجود في السابق ، فعلى الأخيرين يتعارضان بخلاف الأوّل ؛ لأنّ الأصل الموضوعي على الأوّل متعارضان ، كما إذا شكّ في وقوع العقد على الخلّ أو الخمر ، أو وقوعه في الإحلال أو الإحرام ونحو ذلك.
فكيف كان ، فهل الأصل المذكور مقدّم على الاستصحاب الموضوعي الذي ينفكّ عنه مع كونه مزيلا للشكّ في الصحّة والفساد ، أو لا؟ فيه إشكال نظرا إلى اختلاف كلمات الفحول في المقام وعدم مساعدة الأصول عليه أيضا ، فإنّ المحقّق في مقامه أنّ الأصول التي هي مزيلة للشكّ المأخوذ في موضوع الأصول الأخر مقدّمة عليها وقضيّة ذلك تقديم الاستصحاب الموضوعي عليه ، ومع ذلك فلا نرى للتقديم وجها وجيها.
ويظهر من العلاّمة (١) تقديم الاستصحاب عليه وتبعه في ذلك أوّل الشهيدين وثاني المحقّقين ، قال العلاّمة في كتاب الضمان من القواعد : ولا يصحّ من الصبيّ وإن أذن له الوليّ ، فإن (٢) اختلفا قدّم قول الضامن ؛ لأصالة براءة الذمّة وعدم البلوغ (٣). وذكر في
__________________
(١) من قوله : « تقديم الاستصحاب الموضوعي » إلى هنا سقط من « ز ، ك ».
(٢) « ك » : ولو ، وفي « ز » : و.
(٣) قواعد الأحكام ٢ : ١٥٦.