المالك ؛ لأصالة عدم الإذن في القطع في القباء ، ولا تعارضها (١) أصالة عدم الإذن في القميص ؛ إذ لا أثر في المعارض إلاّ على وجه لا تعويل عليه من القول بإثبات الأصل أحكاما عاديّة أو عقلية ، وسيظهر لك الوجه في ذلك عن قريب.
قلنا : في المقام دعويان : إحداهما : تقديم الأصل في مورد الشكّ السببي على الأصل في مورد الشكّ المسبّبي ، وثانيتهما (٢) ـ (٣) : تساقط الأصلين (٤) فيما عدا ذلك على أيّ وجه فرض من الأقسام المذكورة.
أمّا الأولى : فتارة : يقع الكلام من حيث إنّ الاستصحاب من الأمارات الظنّية ، وأخرى : من حيث كونه حكما تعبّديا ، أمّا على الأوّل فلا إشكال في تقديم السببي المزيل على المسبّبي المزال ؛ ضرورة أنّ الظنّ بالسبب يلازم الظنّ بالمسبّب والمفروض قيام الأمارة الظنّية على وجود السبب فلا يعقل (٥) الانفكاك.
وتوضيح ذلك : أنّ المسبّب من الأحكام المترتّبة على السبب ومن الأمور اللازمة له والمفروض حصول الظنّ بالملزوم لوجود أمارته ، فالمسبّب (٦) لا يخلو إمّا أن يكون مظنونا ، أو مشكوكا ، أو مظنون العدم ، لا سبيل (٧) إلى الأخيرين ، أمّا الأوّل منهما فظاهر البطلان ؛ لأنّ الظنّ بالعلّة علّة تامّة للظنّ بالمعلول ولا يمكن التخلّف ، وأمّا الثاني فلأنّ الظنّ بالعدم في جانب المعلول والمسبّب لا يعقل إلاّ بعد ارتفاع الشكّ عن (٨) العلّة والسبب ، فالأمارة الظنّية القائمة في جانب المعلول لا بدّ من قيامها في الحقيقة في جانب العلّة على خلاف مقتضى الاستصحاب كأن تكون (٩) حاكمة بانتقاض الحالة
__________________
(١) « ج » : لا تعارضهما.
(٢) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : ثانيهما.
(٣) سيأتي الكلام عنها في ص ٥٠٧.
(٤) بناء على التعبّد ، وأمّا بناء على الظنّ فظاهرهم الاختلاف في ذلك ، فحكموا بالتساقط في الأغلب ، كما سيأتي في ص ٥٠٧.
(٥) « م » : فلا يقل.
(٦) « ز ، ك » : كالمسبّب.
(٧) « ز ، ك » : ولا سبيل.
(٨) « ز ، ك » : من.
(٩) في النسخ : يكون.