النجاسة ، وحينئذ فقول المستدلّ : إنّ الشكّ في استناد الموت إلى الجرح أو الماء يقتضي الشكّ (١) ، مسلّم لو كانت النجاسة مترتّبة على الموت حتف الأنف خاصّة كما ذكروه ، وأمّا إذا قلنا بترتّبها أيضا على الشكّ في التذكية وعدم العلم بها فلا ، وحينئذ (٢) فالظاهر هو القول بالنجاسة (٣) ، انتهى ما أفاده بلّغه الله مراده (٤). وهو جيّد جدّا وإن قصر بيانه عن إفادة السرّ في ذلك كما لا يخفى على من لاحظ ما ذكره بعد ما ذكرنا ، هذا تمام الكلام فيما إذا قلنا بالاستصحاب ظنّا.
وأمّا على الثاني (٥) : فالحقّ أيضا تقديم الاستصحاب (٦) المزيل على المزال خلافا لما يظهر من محقّق القوانين (٧) وإن كان خلافه غير مختصّ بما إذا كان الاستصحاب حجّة تعبّدية كما هو المفروض. وبالجملة : فالذي يراه في أمثال المقام هو الحكم بالجمع بين مقتضى الأصلين ، فيؤخذ في مورد التعارض بالأصل في المزال ، وفي غيره بالأصل في المزيل كما يحكمون بالتفكيك في موارد جمّة في الأحكام الشرعية كما هو ظاهر.
ويدلّ على ما ذكرنا من تقديم المزيل وجوه من الأدلّة :
الأوّل : الإجماع القطعي ، وتقريره هو أنّا نعلم بالحدس الصائب أنّه يمكن تصوير (٨) صور فرضية (٩) لو سئل عنها عن كلّ قرع سمعه حديث العلم لم يمكنهم الجواب (١٠) عنها (١١) إلاّ على وجه يقدّم فيه المزيل (١٢) على المزال ، ويكشف عن ذلك ملاحظة بعض الفروض والصور ، فإنّ استصحاب العدالة يجدي في جواز الاقتداء بمن اتّصف بها وحرمة
__________________
(١) في المصدر : الشكّ في عروض النجاسة.
(٢) المثبت من « ك » وهو موافق للمصدر ، وفي سائر النسخ : فحينئذ.
(٣) الحدائق الناضرة ١ : ٥٢٧ ـ ٥٢٨.
(٤) « ز ، ك » : ـ بلّغه الله مراده.
(٥) أي على كون الاستصحاب حكما تعبّديا ، وتقدّم الكلام بناء على الظنّ في ص ٤٩١.
(٦) « ز » : استصحاب.
(٧) القوانين ٢ : ٧٦ وسيأتي عنه أيضا.
(٨) « ز ، ك » : ممكن تصوّر.
(٩) « ج ، ك » : فرضه.
(١٠) المثبت من « ج » وفي سائر النسخ : الجواز.
(١١) « م » : ـ عنها.
(١٢) « ز ، ك » : وجه تقديم المزيل.