هداية
[ في قاعدة الجمع مهما أمكن ]
بعد ما عرفت في الهداية السابقة من أنّ قضيّة القواعد هو عدم تساقط الدليلين فهل يجب الجمع بين الدليلين بإعمال الوجوه الدلالية بينهما وارتكاب جهات التأويل فيهما أو في أحدهما نظرا إلى أنّ الجمع مهما أمكن أولى من الطرح ، أو لا؟ وجهان : بل يمكن أن يقال قولان ، والتحقيق في المقام أنّ هذه قضيّة مشهورة لا أصل لها وإن بالغ فيها المحدّث [ ابن ] أبي (١) جمهور الإحسائي ، بل ادّعى عليها إجماع العلماء حيث قال في غوالى اللآلى بعد ذكر المقبولة (٢) : إنّ كلّ حديثين ظاهرهما التعارض يجب عليك أوّلا البحث عن معناهما وكيفيات دلالات ألفاظهما ، فإن أمكنك التوفيق بينهما بالحمل على جهات التأويل والدلالات فاحرص (٣) عليه واجتهد في تحصيله فإنّ العمل بالدليلين مهما أمكن خير من ترك أحدهما وتعطيله بإجماع العلماء ، فإذا لم تتمكّن (٤) من ذلك أو لم يظهر لك وجهه فارجع إلى العمل بهذا الحديث (٥) ، انتهى.
وقد اشتهرت هذه القضيّة بحيث صارت من الأمثال السائرة ، والمراد بها الجمع في الدلالة بإخراج المتعارضين عن ظاهرهما وحملهما على ما لا تنافي بينهما ، وبالطرح رفع
__________________
(١) في النسخ : أبو.
(٢) كذا. والصواب : المرفوعة.
(٣) « ج ، م » : فاحرض.
(٤) « د ، ج ، م » : لم يتمكّن.
(٥) عوالى اللآلى ٤ : ٣٦.