اليد عن سندهما في الجملة ، والجمع وإن استلزم طرحا في الجملة إلاّ أنّ بعد ما عرفت من أنّ مرادهم منه ما ذكرنا لا وجه لما قد يتوهّم في دفعه بأنّ الجمع على أيّ وجه فرض يستلزم الطرح ، فيلزم من وجوده عدمه ، ومع ذلك فالحقّ كما عليه بعض أعاظم المحقّقين (١) أنّه لم يقم على الجمع مطلقا دليل.
نعم ، تتّجه تلك المقالة في بعض المقامات دون غيرها ، وتفصيل الكلام وتوضيحه أن يقال : إنّ للجمع مراتب : فتارة : لا يحتاج إلى شاهد لاكتفاء نفس الدليلين (٢) عنه ، وأخرى : يحتاج (٣) إلى شاهد واحد ، ومرّة : يحتاج إلى شاهدين لعدم اكتفاء نفس الدليلين عنهما.
أمّا الأولى فالواجب فيها الجمع بين الدليلين ، كما في العامّ والخاصّ المطلقين وما يقاربهما في كون أحدهما بمنزلة النصّ بالنسبة إلى الآخر كما في المطلق والمقيّد والقرائن الصارفة بالنسبة إلى الحقائق.
أمّا في الأوّل فلأنّ المتبادر من الدليلين والمنساق منهما عرفا هو الأخذ بالخاصّ بعد مخالفته لحكم العامّ ؛ لأنّ شمول العامّ للفرد ليس في مرحلة الخاصّ لذلك الفرد ، فيقدّم الخاصّ على العامّ مطلقا إلاّ فيما إذا كان العامّ أقوى من الخاصّ دلالة بواسطة اعتضاده بأمارة خارجية (٤) كأن يكون الخاصّ على خلاف مذاق الشريعة أو ينافي أصول المذهب وقواعده أو يكون مساق العامّ آبيا عن التخصيص كما فيما دلّ على جواز نكاح أمة الزوجة بدون إذنها وكما في قوله : « أجمع لك السهو في كلمتين إذا شككت فابن على الأكثر » (٥) فإنّ هذه الموارد لا بدّ من تقديم العامّ فإنّه ربّما يقدّم على
__________________
(١) هو الوحيد البهبهاني في الفوائد الحائرية : ٢٣٣ ـ ٢٣٧ ، فائدة ٢٣ ؛ انظر أيضا الرسائل الأصولية للوحيد : ٤٥١ ـ ٤٥٢.
(٢) « ج » : شاهد اكتفاء بنفس الدليل.
(٣) « م » : ـ يحتاج.
(٤) « ج » : خارجة.
(٥) الوسائل ٨ : ٢١٢ ، باب ٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح ١.