من قبيل النسخ في بعض آخر ومن قبيل الكشف عن القرينة في بعض آخر. وكيف (١) كان فما أفاده لم يكن حاسما لمادّة الشبهة ، فتأمّل.
وأمّا الثالثة (٢) : وهي التي يحتاج الجمع فيها إلى شاهدين ، فكما (٣) إذا كان الدليلان متباينين بحيث لا يكفي في رفع التناقض والتعارض بينهما التصرّف في أحدهما فقط ، كما إذا ورد أكرم زيدا ، ولا تكرم زيدا مع عدم إمكان حمل الأمر على التهديد ـ مثلا ـ فإنّ إخراج أحدهما عن الظاهر لا يكفي في رفع التعارض ؛ لتناقض ظاهر الآخر للمعنى المأوّل (٤) في الآخر أيضا ، فإنّ حمل الأمر على الاستحباب ينافي ظهور النهي في التحريم ، وهكذا (٥) في نظائر المثال المذكور.
وهل يجب الجمع بإخراج كلّ واحد من الدليلين ، أو لا بدّ من الأخذ بالترجيح فيما إذا وجد ، والتخيير (٦) عند عدمه؟ ظاهر العبارة المنقولة عن غوالى اللآلى (٧) هو وجوب الجمع ، فإنّ عبارته بإطلاقها تدلّ على المقام وإن احتملت المعنى الذي ذكرناه آنفا في العامّ والخاصّ كما لا يخفى على من أعطاه حقّ النظر ، والتحقيق هو عدم وجوب الجمع ، بل لا بدّ من الأخذ بالمرجّح عند وجوده ، والحكم بالتخيير بين الدليلين عند عدمه ، وذلك لوجهين :
الأوّل : أنّ بناء العرف في أوامرهم في أمثال المقام على الأخذ بالترجيح والتخيير دون الجمع بطرح الظاهرين والأخذ بمعنى ثالث (٨) ، فإنّهم إذا ورد عليهم نظير المقام لا يتأمّلون في أخذ المرجّح ثمّ التخيير فيعاملون في الظاهرين معاملة الصريحين (٩) وإنّما
__________________
(١) « د » : فكيف.
(٢) سيوافيك الكلام عن المرتبة الثانية في ص ٥٤٨.
(٣) « ج » : وكما.
(٤) « م » : الأوّل.
(٥) « ج » : وكذا.
(٦) « م » : وجدوا التخيير؟
(٧) تقدّم عنه في ص ٥٣٩.
(٨) « ج » : بالمعنى ثالثا.
(٩) المثبت من « م » ، وفي سائر النسخ : تصريحين.